للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفعل كأنه لا يُرِيد أن يفعل، يفعل لكنَّه يَلْزَم نفسه، فالطَّاعة المعْرُوفة الانقياد بدون قسم وهَذَا أولى من تقرير المُفَسِّر، وهو أن نقول: عليكم طاعة معْرُوفة أو طاعتكم طاعة معْرُوفة، يعني: الطَّاعة المعْرُوفة للمُؤْمِنِينَ، وهي التزام أحكام الشَّرع بدون قسم.

قَوْلهُ: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [مِنْ طَاعَتكُمْ بِالْقَوْلِ وَمُخَالَفَتكُمْ بِالْفِعْلِ] اهـ.

هَذَا لَيْسَ بصحيح، فقَوْلهُ: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي: بكل ما تعملون سواء أقسمتم علَيْه أم لم تُقسموا عليه، قَوْلهُ: {بِمَا تَعْمَلُونَ} (ما) اسم موصول يُفيد العُموم، أي: جميع الأعْمَال.

{خَبِيرٌ} بمَعْنى عليم، إلا أن الفَرْق بينه وبين العليم أن الخبير هو العليم ببواطن الْأُمُور، فيَكُون أدق من العِلْم المطلَق، فهو خبرة بالبواطن.

إِذَنْ قَوْلهُ: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} عام لكل ما يعمله الْإِنْسَان بقَلْبِه أو لسانه أو جوارحه، لا يخفى على الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى من ذَلِك شَيْء.

مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكَرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: كراهة النَّذر؛ لقَوْله: {قُلْ لَا تُقْسِمُوا}، وهَذَا نهي.

وقد اختلف أهْل العِلْم في النَّذر؛ هل هو مكروه أو حرام؟ على قولين:

فمن أهْل العِلْم من يرى أن النَّذر مكروه، ومنهم من يرى أنَّه محرم، وكأنَّ شيخ الإِسْلام يميل إلى التَّحْريم وهو أقرب، فالقول بالتَّحْريم أقرب من القَوْل بالكراهة؛ لأَن الله تَعَالَى نهى عنه بقَوْلهُ: {قُلْ لَا تُقْسِمُوا} والأَصْل في النَّهْي التَّحْريم،

<<  <   >  >>