قَوْله تَعَالَى:{وَعَدَ اللهُ} أي: أنَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التزم لهم بما يحبون.
قَوْلهُ:{الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي: جمعوا بين الإِيمَان والعَمَل الصَّالح، الإِيمَان محله الْقَلْب، والعَمَل الصَّالح محله الجوارِح، والإِيمَان وحده لا يكفي، والعَمَل وحده لا يكفي، ولا يَكُون صالحًا إلَّا بالإِيمَان ولو كَانَ ظاهره الصَّلاح؛ فإذا لم يكن مبينًا على إيمان فإنَّه لَيْسَ بصالح، فالَّذينَ يجمعون بين الْأَمْرين: الإِيمَان والعَمَل الصَّالح، لهم هَذَا الوعد؛ {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ ومعنى:{لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ} أي: يجعلهم خلفاء لغيرهم يخلفون غيرهم في الأَرْض، وكَلِمة {الْأَرْضِ} المُراد بها الجنس، لَيْسَت أرضًا واحدة معينة بل أرض عامَّة، أي: الأَرْض كلها.
وَذلِك لأَن {الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[الأعراف: ١٢٨]؛ وقَوْلهُ:{مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} الَّذينَ يشاء الله أن يورثهم؛ قَالَ تَعَالَى:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[الأنبياء: ١٠٥]، وعلى هَذَا؛ فمثلًا أرض العرب لَيْسَت للعرب وأرض لفرس لَيْسَت للفرس وأرض الروم لَيْسَت للروم، الأَرْض لله يورثها من يشاء من عباده؛ فيورثها العباد الصَّالحين الَّذينَ آمنوا وعملوا الصَّالحات؛ فمن كفر باللهِ وعتى عن طاعته فلا حق له في الأَرْض، فالحق لغيره، يورثها الله من يشاء من عباده الصَّالحين.
(١) المفردات للأصفهاني (ص: ٨٢٦)، ولسان العرب (٣٠/ ٤٦٣).