وعلى هَذَا فإذا قَالَ بنو إسرائيل: أرض الشَّام لنا؛ لأَن موسى عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ:{يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}[المائدة: ٢١]، إِذَا قالوا هَذَا؛ نقول: إن موسى قَالَ هَذَا لأنكم في ذَلِك الوقت أنتم أهل الصَّلاح وأنتم عباد الله الصَّالحون، والأَرْض لله يورثها من يشاء من عباده الصَّالحين، فهي في هَذَا الوقت لكم.
لكن لما جاء الإِسْلام وكفرتم به صرتم لستم أهلًا لها، وصَارَ أهلها الصَّالحون؛ وهم المُؤْمِنُونَ بمحمد - صلى الله عليه وسلم - المتبعون له، ثم احتلها من بعد اليهود النَّصَارَى الروم؛ لأنهم كانوا هم الصَّالحون بعد اليهود، ثم احتلها من بعد الروم المُسْلِمُونَ؛ لأنهم هم عباد الله الصَّالحون؛ فأرض الشَّام كتبت للصالحين، قَالَ تَعَالَى:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[الأنبياء: ١٠٥]، ورثها بنو إسرائيل من الجبارين؛ لأنهم كانوا أهل الحَقّ، ثم ورثها النَّصَارَى من اليهود؛ لأنهم أهل الحَقّ، ثم ورثها المُسْلِمُونَ من النَّصَارَى؛ لأنهم أهل الحقّ.
وعلى هَذَا فاليهود الآن لا حق لهم في فلسطين ولا غيرها من أرض الله، لَيْسَ لهم حق في الأَرْض أبدًا، لا هم ولا أي كافر؛ لأَن الأَرْض إنما يستحقها عبادُ الله الصَّالحون، لكن إن صلح المُسْلِمُونَ ورجعوا إلى دينهم الحقيقيِّ الَّذِي يورثهم الله به أرضه فإننا نجزم جزمًا بأنهم سوف يسترجعون الأَرْض، قَالَ تَعَالَى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.
فنحن نجزم بأن المُسْلِمِينَ الآن لو رجعوا حَقِيقَة إلى دين الله بالإِيمَان والعَمَل الصَّالح فسوف يطردون اليهود من الأَرْض، بل سوف يطردون الأمريكان من