أماكنهم والروس من أماكنهم، نجزم بهَذَا جزمًا، لكن ما دام المُسْلِمُونَ على هَذَا الوصف فإنَّه حسب القواعد الشَّرْعِيَّة والنُّصوص لا يستحقون النَّصر؛ لأنَّهم لم يقوموا بجهاد أنفسهم فكَيْفَ يقومون بجهاد غيرهم ليدخلوه في الإِسْلام، الآن أقيموا الإِسْلام فيما بينكم، أقيموا دين الله فيما بينكم ثم بعد ذَلِك سوف ينصر الله دينه إِذَا قمتم به، لأَن الله لا ينصر فلانًا لأَنَّه فلان أو ينصر هَذِهِ الطائفة، لأنهم عرب أو ينصر هَذِهِ الطائفة، لأنهم فرس، بل ينصر من قام بهَذَا الدِّين.
صلاح الدِّين الأيوبي أصله غير عربي، ومع ذَلِك نصره الله على النَّصَارَى، لأَنَّه قام بدين الله، فالدِّين نفسه هو الَّذِي ينصر، هو الَّذِي سيشق عن نفسه، إن كمل فهو سلاح، وإن لم يكمل فلا يقوى لِلإنْسان سلاح ولا يسْتَطيع أن يحكم النَّصر بما في يده من صلاح أبدًا، إِذَا كَانَ سلاح الدّين بيد الْإِنْسَان يبقى هُناكَ السلاح المادي، لكن أيهما أقوى مادة؟
معْلُوم أن المُسْلِمِينَ أضعف الأُمَم مادة في الوقت الحاضر، لأنهم أمم متفرقة ومتناحرة والعداوات بينهم كَثيرَة والبغضاء بينهم كَثيرَة، هَذَا يدعو إلى كذا، وهَذَا يدعو إلى كذا، وهَذَا له منهج خاص، كلهم متفرقون وقد قَالَ اللهُ تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}[الأنعام: ١٥٩]، وهَذَا الْأَمْر منطبق تمامًا على المُسْلِمِينَ في الوقت الحاضر فلا اجتماع على الإِسْلام، ولا دين قيم مقام للمُسْلِمين، قد يوجد في شرذمة قليلة لكنها لا تمثل المُسْلِمِينَ، يوجد فيها شَيْء من الصَّلاح ومن الإِيمَان والعَمَل الصَّالح لكن على ضعف أيضًا.
فالحاصِل: أن هَذَا الوعد الَّذِي وعده الله حق لكنَّه للذين آمنوا وعملوا الصَّالحات وهَؤُلَاءِ هم عباد الله الصَّالحون الَّذينَ قَالَ فيهم: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي