للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}، فإذا قَالَ الَّذينَ يجاهدون اليهود: نحنُ سنطرد اليهود ونقيم على هَذِهِ البلاد المقدسة الَّتِي احتلوها برجسهم دولة إسلامية تقود النَّاس بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ثم مثلوا ذَلِك بأنفسهم قبل أن يفتحوا هَذِهِ البلاد حينئذٍ نتيقن لهم النَّصر، وفيما عدا ذَلِك فالنَّصر غير مضمون، بل قد يَكُون بالعَكْسِ الهزيمة هي المضمونة؛ لأَن من قام بشَيْء وجاهد به وهو على خلافه فإن ذَلِك نوع من خداع الله عَزَّ وَجلَّ، ومن يخادع الله يخدعه.

قَوْلهُ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} تقدَّم أن الأَرْض المُراد بها الجنس يعني لَيْسَت أرضًا معينة كأرض مكة يستخلف الله فيها المهاجِرينَ بدلًا عن المشرِكينَ بل المُراد كل الأَرْض.

قَوْلهُ: {كَمَا اسْتَخْلَفَ} هَذَا في الحقيقَة مثل قَوْلهُ: {وَلَكِنْ لِطْمَئِنَّ قَلْبِى} [البقرة: ٢٦٠] يعني: ذكر من باب التَّوكيد وطُمأنِينَة الموعود بما وعد به، يعني كأنه قَالَ: انظروا إلى هَذَا الوعد الَّذِي وعدكم الله فقد تحقق فيمن قبلكم.

قَوْلهُ: {كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يَقُول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [من بني إسرائيل بدلًا عن الجبابرة] اهـ.

هَذَا صحيح وأيضًا من بني إسرائيل بدلًا عن الفراعنة؛ فإن الله تَعَالَى يَقُول: {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: ٥٩] ويقول أيضًا: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ} وهم بنو إسرائيل في ذَلِك الوقت {مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: ١٣٧]، وقَالَ تَعَالَى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥)

<<  <   >  >>