وقَالَ اللهُ تَعَالَى في اليهود الَّذينَ قضى عليهم بالقضاء على بني قريظة وبالتالي فتح خيبر، قَالَ تَعَالَى:{وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا}[الأحزاب: ٢٧] يعني: ما وطئتم عَلَيْها أبدًا أورثكم الله إياها، وهَذَا وعد حق، وقد علمنا في التاريخ أن المُسْلِمِينَ حينما كَانَ يمثلون الإِسْلام حَقِيقَة ملكوا مشارق الأَرْض ومغاربها، ودانت لهم الأُمَم إدانة كاملة، وفي الحَقيقَة أنهم فتحوا تِلْك البلدان قبل كل شَيْء بالدِّين والأخلاق.
فإن من سَبَرَ أحوال المُسْلِمِينَ دخل في الإِسْلام بدون أي قتال، ولكن مع ذَلِك استعانوا بالسلاح لئلا يقف أحد في وجه دعوتهم، واستعمال السلاح في الإِسْلام ما هو إلَّا مدافعة عن الإسْلام فقط لا إرغامًا للنَّاس أن يدخلوا بالسيف؛ لأَن الله يَقُول:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}[البقرة: ٢٥٦]، ويقول:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، يعني: صدًّا عن سبيل الله وقيامًا ضد الدعوة الْإِسْلَامية {وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٣]، وهو الظَّاهِر وهو الغالِب.
فعلى كل حال، نقول: إن من سَبَرَ أحوال التَّاريخ فيما قبل هَذِهِ الأُمَّة وفي هَذِهِ الأُمَّة عرف تصديق هَذَا الوعد، وأنه وعد تحقق، ونزل وأنه إنما تخلف فيما تخلف النَّقص؛ إما في الإِيمَان وإما في العَمَل الصَّالح؛ فتخلف النَّصر في أُحد لترك العَمَل الصَّالح؛ وهو الامتثال؛ حيث قَالَ الرَّسُول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا تَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِكُمْ،