الفَائِدة الثَّانية: الوعد لمن اتصفوا بهَذَيْنِ الوصْفَيْن أن يستخلِفَهم الله تَعَالَى في الأَرْض كما استخلف الَّذينَ من قبلهم، يعني: يجعلهم خُلَفاء لأهلِها في إِرثها من بعدهم.
الفَائِدة الثَّالِثَة: حسن التَّعليل؛ حيث إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى ذكر الشَّواهد على وعده بالْأُمُور الواقِعة، لقَوْله:{لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ فإن الله سُبْحَانَهُ وَتعَالى أَرَادَ بهَذَا المثال، وهو قَوْلهُ:{كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} طمأنة هَؤُلَاءِ الموعودين بذكر الْأَمْر واقعًا فيمن قبلهم، فيَكُون في ذَلِك زيادة تشجيع لهم على ذَلِك.
الفَائِدة الرَّابِعَة: أن الأَرْض لله يورثها من يشاء من عباده، وهو الَّذِي يستخلف فيها النَّاس بدل غيرهم، ولَيْسَ للنَّاس في هَذِهِ الأَرْض ملك، الملك في الأَرْض لله يؤتيه من يشاء لقَوْله تَعَالَى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ}.
الفَائِدة الخَامِسَة والسَّادِسَة: أن الإِيمَان والعَمَل الصَّالح سبب لتمكين الدِّين في الأَرْض، وأن المخالفة سبب لنزع الدِّين من الأَرْض؛ لقَوْله:{وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ} فيفهم منه أنهم لو فسقوا ولم يؤمنوا ولم يعلموا صالحا ما مُكِّن لهم الدِّين الَّذِي هو لهم والذي ارتضاه الله تَعَالَى لهم، ويتفرع على الفَائِدة السَّابِقة التَّحذِير البالغ من المخالفة والفُسوق، وأن ذَلِك سبب لنزع الدِّين منهم، وهَذَا هو المطَّرد في سنن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ فإن النِّعم إِذَا لم تُشكر زالت، وأكبر نعمة أنعم الله بها علَى عِبَادِه هي نعمة الدِّين، فإذا لم تُشكر فإنها تزول كغيرها من النِّعم.