الحَقّ في الأَحْكام مرجعها أحد أمرين: إما الجهل، وإما السَّفَه؛ الجهل المنافي للعلم، أو السَّفه المنافي للحكمة، فقد يَكُون المشرِّع جاهلًا فلا يُشرِّع أحكامًا مناسبة لأنَّه جاهل، وقد يَكُون سفيهًا يعلم الأَحْكام ويعلم مصلحتها ولكن لا يريدها فيَكُون سفيهًا، فالله جَلَّ وَعَلَا متَّصف بالعلم والحِكْمة اللتين بهما تَكُون الأَحْكام مناسبة للمصالح، وباختلاف واحد منهما يختل من الأَحْكام بحسبه، والله أعلم.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:
الفَائِدةُ الأُولَى: تصدير الحُكْم بالنِّداء دَليل على العناية به، لأَن النِّداء يقْتَضِي التَّنْبيه، وتوجيهه إلى المُؤْمِنينَ يدُلّ على أن امتثال هَذَا الحُكْم من مُقتَضيات الإِيمَان وأن مخالفته من منافيات الإِيمَان.
الفَائِدة الثَّانية: توجيه الخِطَاب للمُؤْمِنِينَ والحُكْم لغيرهم يدُلّ على أنهم مسؤولون عنهم ومسؤولون عن تنفيذ هَذَا الحُكْم في أولادهم الصِّغار ومماليكهم، وأن هَذَا الصَّغير والمملوك إِذَا خالف فإن إثمه على من لم يقم بواجب التربية والتأديب.
الفَائِدة الثَّالِثَة: وُجوب اسْتِئْذان هَذَيْنِ الصِّنفين من النَّاس: الصِّغار والمماليك في ثلاثة أوْقات فقط وهي المذكورة، وأما من سواهم فيَجب عليهم الاسْتِئْذان دائمًا.
الفَائِدة الرَّابِعَة: تعليل الأَحْكام بمَعْنى أن أحكام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كلها مبينة على الحِكَم، وجه ذَلِك من الآية أن الله علل الحُكْم الأوَّل والحُكْم الثَّاني، الحُكْم الأوَّل: وُجوب الاسْتِئْذان في ثلاث أوْقات، لأنَّها عورات، والحُكْم الثَّاني: عدم الاسْتِئْذان فيما عداهم، لأنهم طوَّافون عليكم.