الفَائِدة الثَّالِثَة عشرة: عناية الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى بالخلق وأنهم وإن رضوا بما يُستقبح فلن يرضى الله به، فقد يَقُول قائل: أنا لا أبالي إِذَا دخل عليّ طفلي في هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة؛ فنقول له: ولكن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد اعتنى بك ومنع من الدُّخول عَليْك في هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة.
الفَائِدة الرَّابِعَة عشرة: جَواز الدُّخول بدون اسْتِئْذان في غير هَذِهِ الأوْقات الثَّلاثة.
وهنا بحث: هل هَذِهِ الآيَة محكمة أو منسوخة أو ترك العَمَل بها لزوال الحاجة إلَيها؟
تقدَّم أن الآيَة محكمة؛ لكن يَجب أن نعلم أنَّه لا يجوز أن نقول عن آية أو حديث انَه منسوخ إلَّا بعد أن يتعذر الجمع بينه وبين ما ادُّعيَ أنَّه ناسخ، وأن يُعلم التاريخ بتأخر النَّاسخ، وإذا كنت لا تَسْتَطِيع أن تجمع فَكل العِلْم إلى الله، أما أن تدَّعي النَّسخ فهَذَا لا يجوز؛ لأَن معنى النَّسخ إبطال هَذَا النَّصِّ، وإبطال النَّصِّ صعب؛ فلِذَلك يَجب على الْإنْسَان أن يتورّع عن إطلاق النَّسخ فيما لم يثبت نسخه، ثم إن ترك العَمَل به لا يدُلَّ على أنَّه منسوخ حَقِيقَة؛ لأنَّه كم من أشْيَاء محكمة ترك النَّاس العَمَل بها، فترك النَّاس العَمَل بها إما تهاونًا وإما لزوال السَّبَب الموجب للاسْتِئْذان، والمُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ له تعليق على هَذَا؛ يَقُول رَحَمَهُ اللهُ: {وَآيَة الاسْتِئْذَان قِيلَ مَنْسُوخَة وَقِيلَ لَا وَلَكِنْ تهَاوَنَ النَّاس فِي تَرْك الاسْتِئْذَان] اهـ.
هَذَان القولان اللذان أشرنا إلَيْهما.
والصَّحيح أن الآيَة محكمة وباقية، وأن ترك الاسْتِئْذان إما للتهاون وإما لزوال السَّبَب الموجب للاسْتِئْذان، وأما أن نقول: إن الأَحْكام الشَّرْعِيَّة تُنْسَخ بترك النَّاس العَمَل بهَذَا، فهَذَا لا وَجْهَ له.