للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومتعَلِّقه العِلْم؛ لأَن ما في الْقَلْب لا يُسمع ولا يُرى، وإنَّما يُعلم علمًا؛ فهو سميع سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بما يُقال لهنَّ أو يَقُلْنَه هَؤُلَاءِ القواعد، وأما الجَوارِح فلا تتعلق بالعلم بل تتعلق بالرؤية؛ لأَن الزِّينَة قد تظهر بدون قصد التبرج فلا يَكُون في ذَلِك نية، و {عَلِيمٌ} بما في قلوبهنَّ وقلوب من نظر إلَيْهنَّ من الميل والْفِتْنَة.

مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:

الفَائِدةُ الأُولَى: الحُكْم الظَّاهِر من الآية؛ وهو أن العجائز اللاتي يَئسْنَ من النِّكَاح لكبرهنَّ يجوز لهنَّ وضع الثِّياب الظَّاهِرة، مثل: العباءات والجلباب والرداء والخِمَار وما أشبه ذَلِك، يعني: هَذِهِ الألبسة الظَّاهِرة يجوز للعجائز أن يضعنها؛ وَذلِك لأنهنَّ {لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} فلا يخفن من الْفِتْنَة.

الفَائِدة الثَّانية: إن على غير القواعد أن يلبسن لباسًا ظاهرًا ساترًا لا تقول المَرْأَة: أنا سأخرج بالثَّوب وبدون خمار وما أشبه ذَلِك، فيَجب على غير القواعد أن يبقين ثيابهنَّ الظَّاهِرة عليهنَّ لما في ذَلِك من التستر، ولأن عدمه يدخل في الحَديث الصَّحيح: "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ: نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ، عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ، وَقَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ، لَا يَدْخُلُونَ الجَنّةَ، وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا" (١)؛ فإن المَرْأَة إِذَا كَانَ عَلَيْها ثياب ولكن تصف مقاطع جسمها ولا تزول بها الْفِتْنَة فهي كاسية عارية.

ويقاس على القواعد من لا تشتهي لغاية في قبحها كالعجائز؛ لأنَّها لا ترجو النكاح ولا يطمع أحد فيها، ولِهَذَا ألحق العُلَماء هَذَا الصِّنف من النِّساء بالقواعد.


(١) أخرجه مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات، حديث رقم (٢١٢٨)؛ عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>