لو قَالَ قَائِلٌ: المَرْأَة العجوز لَيْسَ فيها شَهْوَة وهَذه الشَّابة القبيحة فيها شَهْوَة لماذا تلحق بها؟
الجواب: لم يقل الله تعالى: والقواعد من النِّساء اللاتي لَيْسَ فيهنَّ نكاحٌ، بل قَالَ تَعَالَى:{اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} يعني: يئسن من النِّكاح؛ لأنَّهنَّ علمن أن النَّاس لا يرغبون فيهنَّ، ولو قَالَ:"والقواعد من النِّساء اللاتي لا نكاح فيهنَّ أو لا شَهْوَة فيهنَّ" لقُلْنا صحيح، لا يجوز تعدية الحُكْم إلى القبيحة الشَّوهاء، لكن لَمَا قَالَ:{لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} يعني: لا يأملن نكاحًا لا لمجرد أنَّه لا شَهْوَة فيهنَّ، ولكن لأَن النَّاس لا يرغبونهنَّ.
الفَائِدتان الثَّالِثَة والرَّابِعَة: أن التبرج بالزينَة حرام على العجائز؛ لقَوْله:{غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} فهَذَا الشَّرط إِذَا تخلف صَارَ عليهنَّ جناح في ذَلِك، وهَذَا يدُلّ على التَّحْريم، فإذا كَانَ التبرج حرام على العجائز، فيتفرع على هَذِهِ الفَائِدة تَحْريم التبرج على الشَّابات ومن هي محل الْفِتْنَة، وهل هَذَا القياس قياس أولوية أو قياس مساواة؟ قياس أولوية؛ لأَنَّه معْلُوم إِذَا حرُم على القواعد اللاتي لا يرجون نكاحًا؛ فغيرهنَّ ممَّن يرجون النكاح وتتعلق بهنَّ الْفِتْنَة أبلغ.
الفَائِدة الخَامِسَة: أن الحُكْم يدور مع علته وجودًا وعدمًا؛ لأَن الله إنما أباح وضع الثِّياب لهؤُلَاءِ القواعد؛ لأَن الْفِتْنَة بعيدة فيهنَّ فيؤخذ منه أن المدار كله على خوف الْفِتْنَة في مثل هَذِهِ الْأُمُور، فالحُكْم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
الفَائِدة السَّادِسَة: ما نبه علَيْه كثير من أهْل العِلْم بأنه حَتَّى على القَوْل بجَواز كشف الوجه واليدين، إِذَا كَانَ ذَلِك ذريعة للفتنة والتوسع، كَانَ حرامًا؛ فمتى خِيفَ