الْفِتْنَة بكشف الوجه واليدين بناء على القَوْل به فإنَّه لا يجوز ذَلِك، وعلَيْه فيَكُون هَذَا القَوْل لا محل له في عصرنا؛ لأنه لا يُمْكِن ضبط النِّساء أبدًا، لا يُمْكِن ضبطهنَّ لأَن الْفِتْنَة قائمة، وكونه ذريعة إلى التوسع قائم، ولِهَذَا تجد المجتمعات الَّتِي أخذت بهَذَا القَوْل أصبحت لا تَسْتَطِيع أن تتخلص مما وقعت فيه من التبرج السافر الَّذِي لا يَمُتُّ إلَيْه هَذَا القَوْل بأي صلة، فلم تقتصر المَسْأَلَة على الوجه والكفين، بل تدرَّجت إلى الرَّأْسِ والرقبة والنَّحر والذراع بل والعضد أحيانا والساق والقدم، كل هَذَا بأَسْبَاب أن النِّساء الآن، بل والمجتمعات الْإِسْلَامية مع الأسف لا يُمْكِن أن تنضبط بالحُدُود الشَّرْعِيَّة؛ لأنَّها مُدْبِرة عن الدِّين؛ إلَّا ما شاء الله.
وعلى هَذَا فنقول: القَوْل الَّذِي يُطنْطِن به بعض النَّاس المحبين للسفور لا محل له في هَذَا العصر؛ لأَن من شرطه ألا تتبرج بزينة وألا يُخاف منه الْفِتْنَة، وهَذَا موجود محقق؛ فالْفِتْنَة موجودة والتبرج موجود، ولِهَذَا القواعد اللاتي رخّص الله تَعَالَى لهنَّ في وضع الثِّياب اشترط الله تَعَالَى هَذَا الشَّرط؛ فقال:{غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} ونجد كثيرًا من نساء هَؤُلَاءِ النَّاس تتبرج بزينة ولا شَك فتحمّر الخدين والشَّفتين وتكحل العينين وتزجج الحواجب، كل هَذَا مما يدُلّ على أن الموضوع أصبح الآن لَيْسَ ذا محل في هَذَا الوقت.
الفَائِدة السَّابِعَة: أن الأفضل البعد عن الريبة ومحل الْفِتْنَة، وإن بعدت؛ لقَوْلهُ:{وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ}، ويجوز لهنَّ أن يضعن الثِّياب لبعد الْفِتْنَة بهنَّ، ولكن مع ذَلِك كلما بعُد الْإِنْسَان عن أَسْبَاب الْفِتْنَة كَانَ خيرًا له، والْإِنْسَان قد يشعر في نفْسِه أنَّه بعيد عن الْفِتْنَة ثم يقع فيها، وقد أمر النَّبِيِّ عَلِيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ من سمع الدجال أن ينأى عنه؛ لأنَّه يأتيه وهو يرى أنَّه مُؤْمن فلا يزال يقذف به بالحجج والشُّبُهَات