الفَوائِد الثَّامِنة والتَّاسِعَة والعاشرة: إِثْبات تفاضل الأعْمَال، لأَن قَوْلهُ:{خَيْرٌ لَهُنَّ} يعني من عدم الاستعفاف؛ فدل ذَلِك على أن بعض الأعْمَال أفضل من بعض، ويتفرع على ذَلِك تفاضل الإِيمَان، لأَن الأعْمَال منه، فإذا ثبت تفاضل الأعْمَال فيما بينها ثبت تفاضل الإِيمَان وأنه يزيد وينقص، وهَذَا هو مذهب أهْل السُّنَّة والجماعَة.
لو قَالَ قَائِلٌ: بعض طوائف المبتدعة يرون أن الأعْمَال لا تتفاضل، فهل معنى قولهم هَذَا أن الأعْمَال متساوية؟
الجواب: لا، هم لا يَقُولُونَ: الصَّلاة مثل الصِّيام، والصِّيام مثل كذا، بل يرون أن بعض الأعْمَال أفضل من بعض، لكن يَقُولُونَ: إنها غير داخلة في الإِيمَان؛ يخرجونها من الإِيمَان ولا أعلم أنهم يَقُولُونَ: إن الأعْمَال متساوية في فضلها، ما أعلم ذَلِك، ولا أظن أن أحدًا يَقُول به، لكن مَسْأَلة إخراجها من الإِيمَان هو الَّذِي جعلهم يَقُولُونَ: إن إيمان أبي بكر وإيمان أفسق النَّاس واحد، وعندهم أن الإِيمَان هو مُجرَّد الإقرار باللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
الفَائِدة الحَادِيَة عشرة: إِثْبات اسمين من أَسْماء الله، لقَوْلهُ: {وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)} [آل عمران: ٣٤]
وما تضمناه من الصِّفات؛ وهي: السمع والعلم، وقد تقدَّم أنَّه لا يُراد من أَسْماء الله وصفاته مُجرَّد معرفة ذَلِك الاسْم وتلْك الصِّفة، بل المُراد والغرض التعبد لله بمقتضى ذَلِك، فإذا علمت أن الله {عَلِيمٌ} عملت بكل قَوْل يرضيه، لأنك تعلم أنَّه
(١) أخرجه أَبو داود، كتاب الملاحم، باب خروج الدجال، حديث رقم (٤٣١٩)، وأحمد (٤/ ٤٣١) (١٩٨٨٨)، عن عمران بنُ الحصين.