الفَائِدةُ الأُولَى: الحكْمَةُ في اللِّعان حيث خُصَّ الرَّجل بالدُّعاء علَى نفْسِه بِاللَّعْنِة، والمَرْأَة بالدُّعاء علَى نفْسِها بالْغَضب، وهَذَا سبقت الإِشَارَة إلَيْه، فكَوْنُ الزَّوج يَلْعَن نفسه إنْ كَذَبَ لأَن في اتهامه إياها بالزِّنَا إبعادًا لها عن العفة وعن نفسه وأولاده، فناسب أن يدعو علَى نفْسِه بِاللَّعْنِ الَّذِي هو الطَّرْد والإبعاد.
الفَائِدة الثَّانية: الحكْمَةُ في المُغايَرَة بين الزَّوج والزَّوْجَة فيما يدعو أحَدهما به علَى نفْسِه؛ المَرْأَة بالْغَضب والزَّوج بِاللَّعْنِة.
لو أنَّه عكس وقال الزَّوج: غضب الله عليه، وقالت الزَّوْجَة: لعنة الله عَلَيْها، هل يصحُّ أو لا يصِحُّ؟
الجواب: لا يصِحُّ، حَتَّى قَالَ العُلَماء: لو أبدلتِ الغضبَ بالسّخطِ، أو أبدلَ اللعنةَ بالطَّرْدِ والإبعادِ عن رحمة الله، فإنَّه لا يصِح اتّباعًا للفظ، وهَذَا في الحَقيقَة مَحَلُّ نظرٍ خصوصًا في الطَّرْد والإبعاد، وأما السّخطُ فقد يَكُون بينه وبين الغَضَب فرقٌ، لكن الطَّرْد والإبعاد عن رحمة الله هو معنى اللعن، إلا أنَّنا مع ذَلِك نقول: لا يَنْبَغِي العُدولُ عما جاء به القُرْآن، ونقول للزوج: قل: لعنة الله عَليْك، وللزوجة: غضب الله عَلَيْها.
هل يُشترط أنْ يقولَ: فيما رميتُها به من الزِّنَا، وتقول هي: فيما رماني به من الزِّنَا، أو لا يُشترط؟
الجواب: ظاهرُ القُرْآن أنَّه لا يُشترط، وكَذلِك ظاهرُ السُّنَّة؛ وَذلِك لأنَّه حينما لاعنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين هِلالِ بن أُمَيَّةَ وزوجتِه لم يقل: لمن الصَّادِقينَ فيما رميتُها به،