للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكن المعْرُوف خصوصًا عند البصريين أن هَذِهِ صفة مشبهة، وأنه لا يجوز أن يُصاغ اسم التفضيل من ذي صفة مشبهة على وزن أَفْعَل، أما الكوفيون فيَقُولُونَ إنه لا بأس أن تقول: فلان أعرج من فلان، وفلان أعمى من فلان. وقولهم أصح؛ لأَن هَذَا شَيْء يدخله الذوق، فلا مانع منه، إنما المُراد هُنا بالأعمى الصِّفة المشبهة.

قَوْلهُ: {وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ} الأعرج: هو الَّذِي لا يمشي مشيًا مستقيمًا.

وقَوْلهُ: {وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ} المريض: هو الَّذِي خرجت صحته عن الاعتدال؛ فكل من خرجت صحته عن الاعتدال فهو مريض، وتختلف الْأَمْراض، لكن لَيْسَ على المريض حرج في أي شَيْء؟

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [فِي مُؤَاكَلَة مُقَابِلِيهِمْ].

مقابل الأعمى البصير، ومقابل الأعرج السَّليم، ومقابل المريض الصَّحيح؛ يعني أنَّه لَيْسَ على الأعمى حرج إِذَا أكل مع البصير لَيْسَ علَيْه حرج، لكن هل هَذَا فيه حرج؟

هَذَا شَيْء واضح لا يحتاج إلى نفي الحرج عنه، لكن يُقال: إنهم كانوا يتحرجون من مؤاكلة الأعمى؛ يَقُولُونَ: لأَنَّنا إِذَا أكلنا معه نأكل الزَّيْن ونُبْقِي الشَّيْن، ومن جهة أُخْرَى الأعمى أيضًا يتحرج من الأكل مع البصير؛ لأنَّه يَقُول: إِذَا أكلت مع البصير أخاف أن آكل أكثر منه.

فعلى الرأي الأوَّل يَكُون قَوْلهُ: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى} يعني: لَيْسَ في الأعمى، أي: بمؤاكلته {حَرَجٌ}.

كَذلِكَ المريض لَيْسَ على المريض حرج إِذَا أكل مع الصَّحيح، لا يُقال: إن في ذَلِك حرج؛ لأَن الصَّحيح يأكل أكثر، وكَذلِك الأعرج، الأعرج لا بأس أن يأكل

<<  <   >  >>