للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: هي داخلة في قَوْلهُ: {مِنْ بُيُوتِكُمْ}، فإن بيت الْوَلَد بيت لأبيه، لقول النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كسْبِكُمْ" (١)، ولقَوْلهُ: "أنتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ، " (٢)؛ فعلَيْه يَكُون بيت الْوَلَد بيت للوالد.

ونحن لم ننتقد على المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ إدخاله بيوت الأولاد في بيوت الْإِنْسَان، لأَن هَذَا صحيح، وإنَّما انتقدنا تَخْصِيصه البُيُوت ببيوت الأولاد.

المُهِمّ أن قَوْلهُ: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} أي: بيوت أنفسكم وبيوت أولادكم، بالنِّسْبَةِ لبيت الْإِنْسَان نفسه فَائِدَته ما ذُكر في آخر الآيَة، وبالنِّسْبَةِ لبيت ولده أعم من ذَلِك.

قَوْلهُ: {أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} يشمل الْأَبّ الأدنى والأعلى، فإن الجد أب كما قَالَ اللهُ تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: ٧٨]، فسمّى الله إبراهيم أبًا لنا مع أنَّه جدٌّ بعيد، فالجدُّ مثل الأب، إلَّا أنَّه يخالف الْأَبّ في بعض المَسائِل؛ كمَسْأَلة التملّك، فإن الَّذينَ قالوا بجَواز تملك الْأَبّ من مال ولده خصّوه بالْأَبّ الأدنى، لأَن حَقِيقَة الْأَمْر أن المَسْأَلة ضعيفة لا تتوصل إلى أن يَكُون الجد وإن علا يتملك، بل الْأَبّ مختلف في تملكه من مال ولده.


(١) أخرجه أَبو داود، كتاب الإجازة، باب في الرجل يأكل من مال ولده، حديث رقم (٣٥٣٠)، والنَّسائي، كتاب البيوع، باب الحث على الكسب، حديث رقم (٤٤٥٠)، والتِّرمِذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده، حديث رقم (١٣٥٨)، وابن ماجة، كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، حديث رقم (٢٢٩٠)، وأحمد (٦/ ١٤) (٢٤١٨١)؛ عن عَائِشَة.
(٢) أخرجه ابن ماجة، كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، حديث رقم (٢٢٩١)، وأحمد (٢/ ٢٠٤) (٦٩٠٢)، عن جابر بن عبد الله.

<<  <   >  >>