للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلهُ: {وَلَا} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَه اللهُ: [ولا حَرَجَ {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ} أَيْ: بُيُوت أَوْلَادِكُمْ، اهـ.

لماذا لم يجعل المُفَسِّر الآية عامَّة، فيَكُون معنى قَوْلهُ: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} يعني: بيوت أنفسكم؟

لأَن هَذَا لا حاجة لنفي الحرج فيه.

لكن قد يَقُول قائل: إن في آخر الآية ما يدُلّ على أنَّه يُراد بيوت الْإِنْسَان أيضًا، وهو قَوْلهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} يَكُون نفي الحرج عن الأكل من البُيُوت من حيث كونهم جميعًا أو أشتاتًا لا لمطلق الأكل؛ فقَوْلهُ: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} المُفَسِّر حمل الآية على أن المُراد ببيوت الإِنْسَان بيوت أولاده، ونحن نقول: لا مانع من أن يُراد بها بيته الحقيقي وبيت ولده.

فإن قَالَ قَائِلٌ: أي فَائِدَة في نفي الحرج عن أكله من بيتِه؟

قُلْنا: لأجل ما ذُكر في آخر الآية، وهو قَوْلهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} يعني: لَيْسَ عَليْك جُناح أن تأكلَ من بيتك؛ سواء أكلتَ أنت وأهلك أو أكلتم متفرقين، وإن كَانَ الأفضل الاجتماع على الأكل كما سنذكره - إِنْ شَاء اللهُ - آخر الآية، لكن مع ذَلِك لا جناح، يعني: لَيْسَ على الْإِنْسَان جناح أنَّه يأكل فيَتَغَدَّى وحده وعياله وحدهم، أو يَتَغَدَّى وحده وزَوْجَته وحدها أو ما أشبه ذَلِك، ولا بأس أيضا أن يأكلوا جميعًا، لا بأس بهَذَا وبهَذَا.

يبقى النَّظر في قَوْلهُ: {أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ} ... إِلَى آخِرِهِ، لم يذكر بيوت الأولاد؟

<<  <   >  >>