للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنها بمَعْنى المَفَاتِيح؛ وهي: ما يُفتح به، فالمِفْتَاح غير المِفْتَحٍ، (مِفْتَح) جمعه: مَفَاتِح، (مِفْتَاح) جَمْعُه: مَفَاتِيح، ولمحيلَ: إنه يطلق المِفْتَح على المِفْتَاح، والمَفَاتِح على المَفَاتِيح، وقِيلَ: إن المُراد بالمَفَاتِح: الخزائن والمَفَاتِيح: ما يُفتح به، والقرآن يؤيد القَوْل الأَوَّل، كما في قَوْل الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} [القصص: ٧٦]؛ وعلى هَذَا فنقول هُنا في الآيَة الْكَرِيمَةِ {مَفَاتِحَهُ} أي: خزائنه أو مفاتيح خزائنه.

وقَوْلهُ: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} معنى {مَلَكْتُمْ} أي: جُعلت مفاتيحه في أيديكم، وهي الخزائن، فلا جناح على الْإِنْسَان أن يأكل منها، لكن بالمعْرُوف، يعني مثلًا لو أن إنسانًا صاحب فاكهة أعطاك مفتاح المخزن لتحافظ عليه، فدخلت يومًا من الأيَّام المخزن، فيجوز أن تأكل منه، لكن بشرط أن يَكُون ذَلِك بالمعْرُوف، فلا تأخذ في جيبك وتحمله، ولا تتردد علَيْه دائمًا إلَّا إِذَا رضي بِذَلِك.

قَوْلهُ: {أَوْ صَدِيقِكُمْ} قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [وَهُوَ مَنْ صَدَقَكُمْ فِي مَوَدَّته، المَعْنَى يجوز الْأكلُ مِنْ بُيُوت مَنْ ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا إِذَا عَلِمَ رِضَاهُمْ بِهِ] اهـ.

المُفَسِّر يَقُول: [المَعْنَى يجوز الْأَكْلُ مِنْ بُيُوت مَنْ ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا، هَذَا صحيح.

وأما قَوْلهُ: [أي: إِذَا عَلِمَ رِضَاهُمْ بِهِ، فهَذَا غير صحيح، وَذلِك أنَّه إِذَا علم رضا صاحب البَيْت بأكله فإنَّه لا فرق بين أن يَكُون من هَؤُلَاءِ أو من غيرهم، لكنَّه يؤكل من بيوت هَؤُلَاءِ ما لم يُعلم عدم رضاهم، فالمراتب ثلاثة:

المرتبة الأولى: أن تعْلم رضا صاحب البَيْت بأكلك؛ فهَذَا جائز من هَذِهِ البُيُوت ومن غيرها.

<<  <   >  >>