{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[النور: ٦١] أي: تدركون ذَلِك وتحسنون التصرف بمقتضى هَذِهِ الآيَات الَّتِي بينها الله لكم.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكَرِيمَةِ:
الفَائِدةُ الأُولَى: بَيان رحمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في نفي الحرج عمّن يستحقه؛ لقَوْله تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}، ويلحق بِذَلِك سائر العاهات؛ فلو فرضنا أن الْإِنْسَان كُلّف بالكتابة والكتابة واجبة إِذَا دُعي الْإِنْسَان إلَيْها كما قَالَ اللهُ تعالى:{فَلْيَكْتُبْ}[البقرة: ٢٨٢، ]؛ يعني: لو دعاك إِنْسَان لِتكتُبَ بينه وبين آخر وثيقة وأنت قادر فقد وَجَبَت عَليْك الكِتابَة، فإذا كنت ضعيف النَّظر لا تَسْتَطِيع؛ فلَيْسَ علَيْه حرج، ولو لم تكن أعمى.
والعاهات إن كَانَت كاملة عذر الْإِنْسَان عذرًا كاملًا، وإن كَانَت ناقصة فبحسبه؛ فالحُكْم يدور مع علته.
الفَائِدة الثَّالِثَة: أن الأَحْكام تدور مع عللها؛ فإذا وُجدت العِلَّة في الحُكْم ثبت، وإذا انتفت انتفى الحُكْم؛ لأَن نفي الحرج عن هَؤُلَاءِ إنما كَانَ لِهَذِهِ العِلَّة الَّتِي فيهم؛ فإذا بَرِئَ المريض واسْتَقَام، ومَشى الأعرج، ورَدَّ الله البصر على الأعمى، انتفى هَذَا الحُكْم في حقهم، وثبت في حقهم ما يثبت في حق السالمين.
الفَائِدة الرَّابِعَة: جَواز الأكل من بيوت هَؤُلَاءِ المذكورين سواء بإذن أو بغير إذن، إلَّا إِذَا علمنا عدم رضاهم، فإذا علمنا أنهم لا يرضون؛ فإنَّه لا يجوز الأكل من بيوتهم.