فهَذَا أمر مجمع عليه، وفيه نَصٌّ من الكتاب والسنة والإجماع، ولا أحد يُخالف في ذَلِك.
فإذا سألنا سائل: أيهما أولى؛ أن أصلي ركعتين وأتصدق بثوابهما لشخص من أقاربي غير الْأَبّ أو أن أدعو لِهَذَا الشَّخص في صلاتي؟
نقول: الأفضل أن تدعو له في صلاتك؛ لأَن هَذَا أمر مجمع على نفعه، وأما أن تتصدق علَيْه بثواب صلاتك، فهَذَا مختلف فيه، من العُلَماء من يرى جَوازه، ومنهم من يرى أنَّه لَيْسَ بجائز ولَيْسَ بمشروع، وأن الميت لا يَنتفِع به.
هَذَا في غير من استؤجر لعمل صالح ليهديه إلى غيره، كاستئجار بعض القراء ليقرؤوا قرآنا للميت، فإن هَذَا لا يَنتفِع به الميت قطعًا؛ لأَن هَذَا الرَّجل الَّذِي قرأ لأجل المال إنما قرأ للدنيا، ومن كَانَ يُرِيد الحَياة الدُّنْيَا وزينتها فلَيْسَ له حظ في الْآخِرَة، وعلى هَذَا فلا ثواب لِهَذَا القارئ، وإذا لم يكن له ثواب هل يَنْتَفِع الميت بِذَلِك؟ لا، لأَنَّه إنما يَنْتَفِع بالثَّوابِ لا بمجرد القِراءَة.
فإذا قُلْنا هَذَا القارئ لا ثواب له، لأَنَّه أَرَادَ بعمل الْآخِرَة الدُّنْيَا بقي الميت غير مستفيد من هَذِهِ القِراءَة، فالمَسْأَلة لَيْسَت من الْأُمُور الَّتِي يطمئن فيها الْإِنْسَان إلى صِحَّة القَوْل بأن كل الأعْمَال تنفع الميت إِذَا أُهديت له أو تنفع الحي إِذَا أهديت له، ولِهَذَا نرى أن الدُّعاء للأموات خير من إهداء القُرب لهم إلَّا ما ورد فيه النَّص فيُتَّبع.