أو أختها، هَذِهِ مانعة اجتماع؛ لأنهما لا يُمْكِن أن يجتمعا، فهل نقول: إن {أَوْ} هو هَذِهِ مانعة اجتماع أو مانعة خلو، بمَعْنى أنَّه لا يخلو من أحَدهما وربما يجتمعان؟
الجواب: مانعة خلو، بمَعْنى أنَّه لا يخلو من أحد هَذَيْنِ الْأَمْرين المتوقعين أو منهما جميعًا، لا سيَّما إِذَا قُلْنا بأن الْفِتْنَة الشِّرك؛ فإن الْعَذَاب الأليم ملازم لها.
وقَوْلهُ:{عَذَابٌ أَلِيمٌ}{أَلِيمٌ} بمَعْنى: مؤلم، ولم يقيده الله تَعَالَى بالْآخِرَة؛ فقد يَكُون في الدُّنْيَا، وقد يَكُون في الْآخِرَة، وقد يَكُون فيهما جميعًا، ولذَلك استدل العُلَماء بهَذه الآية على أن الأَصْل في أمر الله ورسوله الوُجوب، وجه الدَلالَة حيث إنه حذّر من هَذَيْنِ الْأَمْرين فيمن خالف أمر الله أو أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والتَّحذِير من العُقوبَة دَليل على أن المخالفة حرام؛ لأَنَّه لا يحذَّر من العُقوبَة إلَّا في أمر محرم، أما الْأَمْر الَّذِي لَيْسَ بمحرم فلا عُقوبَة فيه حَتَّى يُحذَّر منه.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:
الفَائِدةُ الأُولَى: وُجوب احترام النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه، وأنه لا يجوز لِلإنْسان أن يناديه كما ينادي غيره من النَّاس لما له من التَّعظيم والتوقير.
الفَائِدة الثَّانية: على الوجه الثَّاني في معنى الآيَة أن دُعاء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ كدُعاء غيره، فإذا دعاك النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أمر أو أمرك به يَجب عَليْك ألا تجعل هَذَا الدُّعاء كدُعاء غيره لما في إجابته من امتثال أمر الله ورسوله.
الفَائِدة الثَّالِثَة: تحذير المتسلِّلين في الْأُمُور الجامعة بدون عذر واسْتِئْذان؛ لقَوْلهُ:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا}، وهَذ الجُمْلَة وهي قَوْله تَعَالَى:{قَدْ يَعْلَمُ} لا شَكَّ أنَّها تحذير لِهَوُلَاءِ الَّذينَ يتسللون، وأنهم سوف يجازون على هَذَا العَمَل المحرم.