للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما الخَيْر الَّذِي ظهر في هَذَا الإِفْك؟

الجواب: نقول الخَيْر الَّذِي ظهر في هَذَا الإِفْك خيرٌ لَيْسَ له نظير؛ إِذْ ظهرت براءة أم المُؤْمِنِينَ عَائِشَة - رضي الله عنها - ونزاهتها ظهورًا لا يعادله شَيْء، شهد الله لها بالبراءة من فوق عرشه -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.

ثانيًا: ظهر بِذَلِك نَقاء وطُهر فِراش النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأنَّه لا يُمْكِن لفِراشه - صلى الله عليه وسلم - أن يتدنس بهَذَا.

ثالثًا: من الخَيْر، الأجر العَظِيم الَّذِي ترتب على ما أصاب المُؤْمِنِينَ في هَذِهِ الحادثة من الأَذَى والمشقَّة والجهد الجهيد، حَتَّى إنَّه من حِكْمَة الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن الوَحْي انقطع شهرًا كاملًا، لم ينزل على النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لأجل أن يَتَمَحَّصَ المُؤْمِنُ من المنافقِ، ولأجل أن يشتد اشتياقُ المُؤْمِنِينَ إلى بَيان الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في هَذِهِ القَضيَّة العَظِيمَة المهمَّة، ولأجل أن يَزدَاد أجرهم بهَذَا في هَذِهِ المدة.

ثم إن فيه أيضًا من الخَيْر رِفْعة شأن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهَذَا فوق قولنا: نزاهة فِراشه وطهارته، لكونِ الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يدافع بنَفْسِه عنه، ثم فيه أيضًا من الخَيْر تأديبُ المُؤْمِنِينَ وعِظتهم بما يَنْبَغِي أن يَكُونوا علَيْه من عدم إطلاق القَوْل والتجريء على أعْرَاض الأعفاء، إلى غير ذَلِك مما سيتبَيَّن إِنْ شَاء اللهُ في أثناء هَذِهِ القصَّة العَظِيمَة.

قَوْلهُ: {بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} قَالَ المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [يَأْجُرُكُمْ اللهُ بِهِ، وَيُظْهِرُ بَرَاءَةَ عَائِشَة، وَمَنْ جَاءَ مَعَهَا مِنْهُ، وَهُوَ صَفْوَانُ، فَإِنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ ... إِلَى آخِرِهِ]. اهـ.

هَذَا أيضًا من الخَيْر لصَفْوَانَ بنِ المُعَطِّلِ - رضي الله عنه -، لأنَّه إِذَا أنزل الله براءةَ عَائِشَة من ذَلِك، وكانَ هُوَ الَّذِي رماه المُنافِقُونَ بها، تظهر براءتُه - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>