أن هَذَا العِقد كَانَ عاريةً عندها لأختها أَسْماء - رضي الله عنها - فذهبتْ تَلْتَمِسُه؛ أي: تطلبه، فوجدت العِقد.
فلمَّا رجعتْ إلى مكانها إِذَا بالقوم قد حملوا هَوْدَجَها، وما ظنوا أنَّها لَيْسَتْ فيه؛ لأنَّها كَانَت خفيفةً كما قالت - رضي الله عنها -: "كَانَ النِّساءُ خفافًا ما كَانَ اللحم قد بني عليهنَّ؛ لأنهنَّ إنَّما يأكلن العُلْقَةَ من الطَّعام"؛ أي: القليل.
ثم إن الَّذِي حمل الهَوْدَجَ لَيْسَ رجلًا واحدًا أو اثنين حَتَّى يميزوا خفته، إنَّما حمله جماعةٌ، والعادة أن الجَماعَة لا يحسون بثِقل الشَّيء ولا يهمهم، لِذَلك حملوه على أنَّها فيه وساروا، فلمَّا رجعت ولم تجدهم عرفت أن القوم سيفقِدُونها وسيرْجِعُون إلَيْها كما هو معْرُوف، هي من ذكائِها وعقلِها لم تذهب يمينًا ولا شمالًا، لم تقل: ألحقهم وأبحث، بقيت في مكانها.
ومن العجيب أنَّها من طُمَأْنِينَتِها ورَبَاطَةِ جَأْشِهَا نامت في هَذَا المكان، ولما نامت كَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطِّلِ - رضي الله عنه - في أُخْرَيات القوم، وكان كثير النوم وثقيلَ النوم أيضًا، فلمَّا استيقظ لحَقَ القومَ، فلمَّا أقبل على مكانهم وجد سوادَ شخصٍ فَآوَى إلَيْه، وحصل ما حصل.