لما رأى صَفْوَانُ بْنُ المُعَطِّلِ - رضي الله عنه - سواد الشَّخص أقبل إلَيْه، فإذا بأم المُؤْمِنِينَ عَائِشَة - رضي الله عنها - نائمة ولم تُغَطِّ وجهها؛ لأنَّها لَيْسَ حولها أحد، فعرَفها - رضي الله عنه -، وكان قد رآها قبل الحجاب فقال: إنا لله وإنا إلَيْه راجعونَ، ثم أناخ بعيره ووطئ على ركبته حَتَّى ركبت، وذهب يقود بها حَتَّى أتى الجيش، ولم يكلِّمْها بكَلِمةٍ، وإنَّما استرجع - رضي الله عنه - خوفًا مما وقع، توقَّع أمرًا فوقع؛ لأَنَّ امرأة في فلاة من الأَرْض وحدها ويأتي بها رجل متأخِّر عن الجيش وهي متأخِّرة عنه، هَذَا لا شَكَّ أنَّه بليةٌ وابتلاءٌ من الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
ولهَذَا رأى أنَّها مصيبةٌ فاسترْجَع، ولكن لعفته وتعظيمه النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه أم
المُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها - لم يكلمها ولا بكَلِمة حَتَّى لم يقل: اركبي، ولا قَالَ: ما الَّذِي خلَّفك؟
ولا قَالَ: لا بأس عَليْك، ما تكلم بكَلِمة إطلاقًا احترامًا لفِراش النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -.
(١) أخرجه البُخاريّ، كتاب الشهادات، باب تعديل النساء بعضهن بعضًا، حديث رقم (٢٦٦١)؛ ومسلم، كتاب التوبة، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، حديث رقم (٢٧٧٠)، عن عَائِشَة - رضي الله عنها -.