أصله:(تتلقونه بألسنتكم)، ولا يُمْكِن أن نقول: إن قَوْلهُ: تلقى هُنا فعل ماضي لكن قَوْله تَعَالَى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى}[الليل: ١٤]، يُمْكِن أن يُقالَ إن {تَلَظَّى} فعل ماضي مع أنَّها في الآية فعل مُضارع لأَنَّ أصلها تتلظى، لكن هُنا لا يُمْكِن أن نجعل (تتلقونه) فعلًا ماضيًا؛ لأَنَّ (تلقى) تَكُون فعلًا ماضيًا إِذَا جاءت مجرَّدَة نحو (تلقيتُ) الحَديث؛ ولأن الفِعْل الماضي لا تتَّصل به الواو والنُّون، بل الواو فقط لأَن النُّون من الأفْعال الخمْسَة المضارِعَة.
وفي قَوْلهُ:{تَلَقَّوْنَهُ} النُّون موجودة، فإِذَنْ هُنا لا يجوز أن تَكُون فعلًا ماضيًا فيقينًا أنَّه حذف منها إِحْدَى التاءين.
ثم قَالَ المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [و {إِذْ} مَنْصُوبٌ بِمَسَّكُمْ أَوْ بِأَفَضْتُمْ] اهـ. التَّقدير لمسُّكم {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ} أو أفضتم {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ}.
ويُستفاد من كلام المُفَسِّر أن {إِذْ} هُنا اسم، وقد تقدَّم أن كثيرًا من المعربين يجعلون {إِذْ} التَّعليليَّة حرفًا لا اسمًا لأَنَّ المَعْنى من أجل كذا، فقَوْلهُ:{إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} يعني أنَّه يرويه بعضُكم عن بعض، تلقى الشَّيء بمَعْنى استقبله وأخذه فهم يتلقَّوْنه بألسِنَتهم وَيقُولُونَ بأفواههم ما لَيْسَ لهم به علم.
و(الباء) في قَوْلهُ: {بِأَلْسِنَتِكُمْ} للتَّعدِية، وأصل التَّلقِّي يَكُون بالسّمع في الحقيقَة لكن عبر به هُنا على أساس أنَّه بمجرَّد ما يتلقَّاه يفيض به.