فالْإِنْسَان لا يَقُول إلَّا بعلم، ومثله تحْرِيم فتوى المقلد، ففتوى المقلد معْرُوف أنَّها حرام لأنَّها لَيْسَ عن علم، لكن إِذَا اضطر النَّاس ولم يجدوا إلَّا مقلِّدًا فماذا يصنعون؟
استفتاء المقلِّد خيرٌ من أن تستفتي إنسانًا جاهلًا لَيْسَ عنْدَه إلمام بالعلم أبدًا.
وأيُّهما أقرب للصَّواب في نفسِك: أن تستفتِيَ مقلِّدًا أو أن تستفْتِي عاميًّا جالسًا في السَّوق يسُبُّ النَّاس؟ لا شكَّ أن المقلِّد أقربُ للصَّواب، فإذا لم نجد إلَّا مقلِّدًا فيكونُ الرُّجوع إليْه أفضلَ مِن أن نقول للنَّاس: لا تستفتوا، فيَبْقى هَؤُلَاءِ الجهال يُفتي بعضهم بعضًا.
فلا شَكَّ أن المقلِّد خيرٌ من الْإِنْسَان العامِّيِّ إِذَا لم يكن سواه، قَالَ تَعَالَى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٧٣].
الفَائِدة السَّادِسَة: ظن الشَّيء العَظِيم هينًا لا شَكَّ أنَّه من قُصور النَّظر؛ لقَوْلهُ:{وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.