أَنْ يَنَامَ" (١) المَعْنى: أنَّه ممتنع لا يليق ولا يصِح أن ينام -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لكمال حياته.
عَلَى كُلِّ حَالٍ معنى قَوْلهُ:{مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ} يعني ما يَنْبَغِي لنا أن نتكلَّم بهَذَا ولا يصِح منا أن نتكلَّم بهَذَا، وهو ممتنع لأنَّه لا يُمْكِن أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يجعل هَذَا الْأَمْر واقعًا من أهل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لا يُمْكِن أبدًا، يمتنع حسب ما تقْتَضِيه حِكْمَة الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يجعل هَذَا الْأَمْر واقعًا من أهل الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - لما في ذَلِك من الْأَمْر الَّذِي لا يليق بحِكْمَة الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ولهَذَا قَالَ:{مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} لخطورة الْأَمْر وعِظَمه، قَوْلهُ:{مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا}؛ لأَنَّ ذَلِك ينافي تنزيهك ولهَذَا قالوا:{سُبْحَانَكَ}.
وقول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: {سُبْحَانَكَ} هو للتعجُّب، هَذَا لَيْسَ بصحيح أنَّه للتَّعجُّب، فهم لا يتعجَّبُون مما قِيلَ، ولكنه للتنزيه البالغ؛ أي: ينزهون الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عما نُسب إلى أهله -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، يعني نُنزِّهك يا ربَّنا أن يقع هَذَا من أهل بيتِ رسُولِك -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فقَوْلهُ:{سُبْحَانَكَ} يعني تنزيهًا لك عما لا يلِيق بِك، ومنْه أن يقع مثل هَذَا من أهل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكَلِمة (سبحانك) في هَذَا الموضِع من أحْسَن ما يَكُون، بل هي أحْسَن ما يَكُون في الحَقيقَة.
قَوْلهُ:{هَذَا بُهْتَانٌ} يَقُول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [كَذِبٌ]؛ لأنَّه خلاف ما تقْتَضِيه حِكْمَة الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
(١) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله -عَلَيْهِ السَّلامُ-: "إن الله لا ينام"، وفي قوله: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"، حديث رقم (١٧٩)، عن أبي موسى الأشعري.