لأَنَّ المقام في أهل بيت الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - أيُّ بُهْتَان أعظم من بُهْتَان يَكُون فيه القَدْح بالنَّبيّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وأهل بيته وأصْحَابِه، فهو بُهْتَان عَظِيم: واضح عظمه لو كَانَ هَذَا قذفًا لفلان أو لفلان أو لفلان كَانَ عَظِيمًا لكن لَيْسَ كعظم ما نُسب لأهل الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -، فلِذَلك وُصف بالعظم لأَنَّ محله أهل الرَّسُول -صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:
الفَائِدةُ الأُولَى: أن القَوْل إِذَا أطلق فالمُراد به القَوْل باللِّسَان؛ لقَوْلهُ:{وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} وإذا قيد فالمُراد به حديث الْإِنْسَان نفسه مثل قَوْله تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ}[المجادلة: ٨].
الفَائِدة الثَّانية: تنزيه فراشه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وأن حِكْمَة الله تأبى أن يقع ذَلِك في فراشه - صلى الله عليه وسلم -؛ لقَوْلهُ:{سُبْحَانَكَ} فدل هَذَا على أنَّه لا يليق باللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أن يقع مثل هَذَا في فراش النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وهَذَا الَّذِي جعلهم يَقُولُونَ:{مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} وَذلِك لأنَّه ينافي حِكْمَة الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
الفائِدة الثَّالِثَة: مُراعَاة المَصالِح العامَّة في الشَّرع والقَدَرِ أمر معْلُوم هَذَا بالنِّسْبةِ للوِلَاية والتَّدبير، فإذا كَانَ واليًا على أمر يَجب علَيْه أن يُراعِي المَصالِح، فتُقدَّم المَصالِح العامَّة في الشَّرْعِ، وتُقدم المَصالِح العامَّة كَذلِكَ في القدر، فالمطر ينزل وربما يفسد بعض المزارع الَّتِي لا يتناسب معها المطر ولكنه للمصلَحَة العامَّة نزل.
أما نفس الْإِنْسَان هل يقدم مصلَحَة نفسه على مصلَحَة غيره في أمر لَيْسَ من باب الوِلاية والتَّدبير؟