وهَذَا يُفيد التَّوكيد، فهَذ الجُملَة أوكد مما لو قِيلَ: إن للذين يحبون أن تشيع الْفَاحِشَة عَذابًا أليمًا، مثلًا هَذَا أبلغ لأنَّها تَكُون كأنَّها جملتان مكررتان.
قَوْلهُ:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ}{الَّذِينَ} اسم من الأَسْماء المَوْصولَة، ومعْرُوف في علم الأصول أن الاسْم الموصول يُفيد العُموم، فيَكُون قَوْلهُ:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ} عامًّا.
وقَوْلهُ:{تَشِيعَ} بمَعْنى تَنتشرُ وتَظهرُ، وقول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [باللِّسَان] هَذَا تفسير للشُّيوع يعني تَشِيعُ بالقَوْل وتظهر ويتداولها النَّاس، ولكن الأظهر أنَّها أَعمُّ من الشُّيوع باللِّسَان وأنَّها تشيع بالفِعْل بحيث يشاهدهم النَّاس، وبالقَوْل بحيث يشاع عنهم ذَلِك، فهَؤُلَاءِ {الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} سواء يحبون أن تشيع بالقَوْل -كما أشار المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ- باللِّسَان- أو يحبون أن تشيع بالفِعْل بمَعْنى أن يظهر أمرهم ويتبَيَّن ويُرَون ويُشَاهَدون.
وقول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [بِنِسْبَتِهَا إِلَيْهِمْ] اهـ. هَذَا بناء على أن المُراد بالشّيوع: شيوع اللِّسَان، والأصح أنَّه أعم أي بنسبتها إلَيْهم فيما يُقَالُ فيهم أو برؤيتها منهم فيما فعلوا.
وقول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [وَهُمُ العُصْبَةُ] اهـ. هَذَا لَيْسَ بصحيح لأنَّه أَرَادَ أن يفسر العامّ بالخاصِّ لأَنَّ {الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ} هل هو خاص بالعصبة الَّذينَ جاءوا بالإِفْك أو عامّ في كُلِّ أحدٍ؟
الجواب: عَامٌّ في كُلِّ أحدٍ إلى يوم القِيامَة حَتَّى مثلًا من أحب أن تشيع الْفَاحِشَة في المُؤْمِنِينَ في زمنه فهو داخل في هَذِهِ الآية، وتَخْصِيص الآية بشَيْء لا دَليل علَيْه هَذَا لا يجوز، وقد قَالَ أهْل العِلْم: إن العبرة بعُموم اللَّفْظ لا بخصوص السَّبب.