للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويَجب أن نعرف أن صُورَة السَّبب قَطْعيَّة الدخول لأنَّه لا يُمْكِن أن نخرجها عن العُموم وهو وارد من أجلها، يعني أنَّه إِذَا ورد لفظ عام على سبب خاص فإن السَّبب الَّذِي وردت من أجله قطعيّ الدخول في هَذَا العامّ وغيره من أفراد العُموم لَيْسَ قطعيًّا ولكنه ظاهر فيه.

وبَيان ذَلِك أن دَلالَة العامّ على كُلِّ فرد من أفراده دَلالَة ظنية يعني لَيْسَت قطعًا إِذْ يجوز أن يَكُون بعض الأفراد قد خصص بحكم يخالف هَذَا العُموم، ولهَذَا نقول: دَلالَة اللَّفْظ العامّ على عمومه ظنية؛ لاحتمال أن يَكُون بعض أفراده قد خص إلَّا صُورَة السَّبب، أي: الصُّورة الَّتِي هي سبب هَذَا العُموم هي قطعية الدُّخول؛ كما تقدَّم.

فمثلًا لو قَالَ قَائِل: قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: ٢]، هَذِهِ الآية لا يدخل فيها أوس بن الصَّامت الَّذِي ظاهر من زَوْجَته وهو سبب النُّزول ماذا نقول له؟

نقول: هَذَا غير صحيح قطعًا هو داخل.

ولو قَالَ قَائِل: إن الرَّجل الَّذِي رآه النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قد ظلل علَيْه والنَّاس حوله وهو صائم في السَّفَر فقَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ" (١)، لو قَالَ قَائِل: هَذَا الرَّجل لا يدخل في هَذَا الحَديث؟

الجواب: نقول: غير صحيح ولا يُمْكِن لأَنَّ الصُّورة الَّتِي هي سبب العُموم


(١) أخرجه البُخاريّ واللفظ له، كتاب الصوم، باب قول النَبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لمن ظلل ... ، حديث رقم (١٩٤٦)؛ ومسلم، كتاب الصوم، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر ... ، حديث رقم (١١١٥)، عن جابر بن عبد الله.

<<  <   >  >>