المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ- الآن فسر هَذَا العامّ بالخاصِّ، وهَذَا لا يجوز، فإذا وجد لفظ عام يَجب الأخذ بِعُمومِه وإن كَانَ دلالته على جميع أفراده كما تقدَّم ظنية، لكن يَجب الأخذ بِعُمومِه حَتَّى يرد دَليل على التَّخْصِيص، فنقول: هَذِهِ الآية عامَّة في العصبة وغيرها.
وفي نسخة:(بِحَدِّ القَذْفِ) والمَعْنى واحد، نعم {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} من عَذاب الدُّنْيَا ما ذكره المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ- وقد يَكُون لهم عَذاب أَشَدّ، لكن الآن المتبادر أن الْعَذَاب الأليم في الدُّنْيَا هو العُقوبَة والعَذاب كما أشرنا إلَيْه سابقًا معناه العُقوبَة و {أِليم} بمَعْنى مؤلم، وأمَّا عَذاب الْآخِرَة فهو عند الله أيضًا.
وقول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [أنَّه الحْدّ للْقَذْفِ وَعَذَابُ الْآخِرَة لحق اللهِ] هَذَا يشكل علَيْه أنَّه قد ثبت عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من أصاب من هَذِهِ الذُّنوب شيئًا وعوقب علَيْه في الدُّنْيَا كَانَ كَفَّارة له (١)، ولهَذَا قالوا: إن الحُدُود كَفَّارة لأصْحابها، الحُدُود كحدّ الزِّنَا وحدّ السَّرقة وغيرها، إِذْ إن الله تَعَالَى لا يجمع علَيْه عقوبتين.
لو قَالَ قَائِلٌ: الحَديث عامٌّ والآية خاصَّة؟
الجواب: الحَديث عامٌّ على عُمومه، والآية ظَاهِرها أنَّه يجمع له بين الْأَمْرين،
(١) أخرجه البُخاريّ، كتاب الحدود، باب توبة السارق، حديث رقم (٦٨٠١)؛ ومسلم، كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها، حديث رقم (١٧٠٩)، عن عبادة بن الصَّامت.