الجواب: الَّذِي يشيع أَشَدّ من الَّذِي يحب أن تشيع لأَن الَّذِي يشيع يحب ويفعل، إِذْ ما أشاع الشَّيء إلا لمحبَّته لشيوعه فيَكُون قد أحب وفعل، والَّذِي أَحَبَّ قد لا يفعل ومع ذَلِك له عَذاب أليم.
قول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{يَعْلَمُ} انْتِفَاءَهَا عَنْهُمْ] سواء هَذَا أو قصة أُخْرَى لأَن الصَّحيح العُموم، يعني انتفاء الْفَاحِشَة الَّتِي أحب هَؤُلَاءِ أن تشيع في المُؤْمِنِينَ يعلم أنَّها لَيْسَت فيهم أو أنَّها فيهم.
قَوْلهُ:{وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} هَذَا النَّفي هل هو على إطلاقِه، يعني لا تعلَمون شيئًا أو لا تعلَمون ما يعلمُه الله؟
الجواب: الأَخِير، يعني لا تعْلَمُون ما يعلَمُه الله وإلا فعند الْإِنْسَان علم، قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨)} [النحل: ٧٨]، وقَالَ تَعَالَى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩]، لكن لا تعْلَمُون ما عند الله من العِلْم، ولا تعلَمُون كعِلْم الله لأَن عِلْم الله واسع شامل تام.
وعِلْم الْاِنْسَان قاصِر ناقص محدود بخلاف علم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وفي هَذَا إِشارَة إلى أنَّه لا يجوز لِلإنْسان أن يتكلم بمثل هَذه الْأُمُور حَتَّى يَكُون لديه علم، وإذا كَانَ لديه علم أيضًا فإنَّه يَجب أن يتبع المَصالِح في ذَلِك.
لو فرَضْنا أنِّي أدْرِي أن هَذَا الرَّجل أصاب فاحِشَةً فهل من المسْتَحْسَن أن أرفعها إلى الْإِمَام لتبين وتبرز أو من المسْتَحْسَن ألا أرفعها؟