الجواب: هَذَا يَتعلَّق بالمصلَحةِ إِذَا كَانَ هَذَا الَّذِي وقعت منه الْفَاحِشَة رجلًا معْرُوفًا بالعفة وبالصَّلاح وأن الْأَمْر بدر منه هكذا هفوة فإنَّه لا يَنْبَغِي أن يرفع إلى الْإِمَام ويُشْهر بل يُسْتر علَيْه ويُنصح، وإذا كَانَ الرَّجل معْرُوفًا بالشَّرّ والفَسَاد كَانَ من الواجب أن يبين أمره ويظهر ويشهر.
ومثل ذَلِك أيضًا مَسْأَلة العَفو عن الجناة هل العَفو أولى من الأخذ بالحقِّ أو الأخذ بالحقِّ أولى من العَفو؟ ينبني على هَذَا التفصيل إِذَا كَانَ في العَفو صلاح فالعَفو أفضل، وإلا فالأخذ بالحقِّ أفضل.
وكل الآيات الَّتِي تندب إلى العَفو مقيدة بقَوْله تَعَالَى:{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى: ٤٠]، فقيد الله تَعَالَى العَفو بالإصْلَاح وأيضًا من النَّاحية المعنويَّة يُقالُ: العَفو إحسان، والإصْلَاح واجب، أي: وطلب الإصْلَاح واجب، وإذا تعارض الواجب والإحسان يُقدم الواجب.
فعلى هَذَا إِذَا تعارض إصلاح الخلق أو العَفو عن هَذَا المجرم نقول: إن الإصْلَاح أولى لهذَا المجرم، ولو عفوت عنه ذهب يفعل إجرامًا بغيرك، وإذا عفا آخر يذهب يفعل إجرامًا آخر وهَكَذا، فنقول: لا يَنْبَغِي العَفو هُنا إن لم نقل بتحْرِيمه، وعلى هَذَا يتنزل فعل بعض النَّاس.
فبعض النَّاس إِذَا صدمه إِنْسَان مثلًا أو صدم له مالًا أو صدم له نفسًا تجده يبادر بالعَفو وهَذَا خطأ عَظِيم، فالواجب النَّظر هل هَذَا الرَّجل الَّذِي تهَوَّرَ مثلًا وصدم هَذَا الآدمي أو هَذ البهيمة أو هَذَا المال وأفسده هل هو إِنْسَان متهوِّر شرير، فإن كَانَ كَذلِكَ فإنَّه لا يَنْبَغِي العَفو عنه، وهل أيضًا من المصْلَحة أن نعفو عنه؟ أو ربما إِذَا عفونا أصبح النَّاس لا يبالون بهَذَا الشَّيء.