ولو أن كُلَّ من جرى منه مثل هَذَا الْأَمْر هُدِّد وحُبس وغُرِّم المال لم يكن النَّاس على هَذَا الوجه الَّذِي نرى الآن، لكن مع الأسف أن بعض الإخوان تجده تأخذه العاطفة ويأخذه الزهد في الدُّنْيَا أمام الصَّدمة العَظِيمَة الَّتِي أصابته ثم يبادر ويسمح، عنْدَما يُصاب بهَذه المصيبة الفادحة ترخص الدُّنْيَا كلها عنْدَه يَقُول مثلًا: إِذَا راح عزيزي لا يهمني، الدُّنْيَا كلها صَارَت عندي لَيْسَت بشَيْء، ثم يبادر ويسمح وهَذَا خطأ، فالواجب التعقل.
ولهذَا الحَقيقَة أن الأخذ بالعاطفة دون العَقْل من شيم النِّساء ولَيْسَ من شيم الرِّجَال ولا من شيم أهل الإصْلَاح أيضا، فإن الواجب في هَذه الْأُمُور أن ينظر ما هو الأَصْلح بالنِّسْبَةِ لهَذَا الشَّخص الخاص وبالنِّسْبَةِ للعموم.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:
الفَائِدةُ الأُولَى: أن محبَّة الخَيْر للمُسْلِمين ودفع الضرر والفَواحِش عنهم فيه ثواب؛ لأنه إِذَا كَانَ في محبَّة الْفَاحِشَة عَذاب عَظِيم ففي كراهة شيوع الْفَاحِشَة ثواب، ويكن أن نأخذ هَذَا من قَوْل الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -: "وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ"، قَالُوا: أَوَ يأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيكُونُ لَهُ أَجْر؟ قَالَ:"أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ، كَذَلِكَ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَلَالٍ كَانَ لَهُ أَجْرٌ"(١) يعني يُؤخذ القياس من العكس.
الفَائِدة الثَّانية: أنَّ مَنْ أَشَاعَ فاحشة فله عَذاب عَظِيم في الدُّنْيَا والْآخِرَة أو ثبوت هَذَا العقاب لمن أشاع الْفَاحِشَة لأنه إِذَا ثبت فيمن أحبها فكَذلِكَ فيمن أشاعها مِنْ بَابِ أَوْلَى.
(١) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب بَيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، حديث رقم (١٠٠٦)، عن أبي ذر.