القصر كان مشروطاً بالخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(١٠١) سورة النساء] وكان هذا في أول الأمر، ومشروعية القصر من أجل الخوف، ولكنها صدقة تصدق الله بها، فرُفعت العلة وبقي الحكم كالرمل في الطواف، مشروعية الرمل لأن المشركين قالوا: يقدم محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فرمل النبي -عليه الصلاة والسلام- وأمر به، فشرع الرمل في الطواف، ولذا في عمرة القضاء كانوا يرملون من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ويمشون بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونهم، ولكن في حجة الوداع كان يرمل من الحجر إلى الحجر؛ لأنه لا يوجد من يراقبهم، فلا داعي للمشي بين الركنين، هذه العلة التي من أجلها شرع الرمل ارتفعت وبقي الحكم؛ لأنه لا يوجد من يقول: يأتي المسلمين وقد أنهكهم السفر أو تعبوا من شيء من الأشياء كما قيل، ومثله مشروعية قصر الصلاة في السفر للسفر، وارتفع القيد الذي هو الخوف واستمر الحكم، فهي صدقة تصدق الله بها على عبادة فاقبلوا صدقته.
"عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "الصلاة أول ما فرضت ركعتين" فرضت الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- ليلة الإسراء خمسين، حصلت المراجعة بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين ربه -جل وعلا- بمشورة موسى -عليه السلام- إلى أن صارت خمس صلوات، هذا أول فرضها وكانت ركعتين ركعتين.
"الصلاة أول ما فرضت ركعتين" فرضت عند جمهور أهل العلم الذين لا يرون وجوب القصر معناها: قدرت ركعتين، وعند من يرى الوجوب فرضت يعني وجبت، أو أوجبت ركعتين.