"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً" متفق عليه، وللمسلم:"جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته" وفي لفظ له: "من غير خوف ولا سفر" مع أن كلمة "ولا سفر" لا يحتاج إليها إلا من باب التصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا كونه في المدينة يفهم منه أنه مسافر؟! لا، لكن قوله:"ولا سفر" واللفظ عند مسلم تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا فالأصل:"من غير خوف ولا مطر" يعني من غير مقتضي، "وقد تكلم ابن سريج في قوله: "ولا مطر" تكلم فيها من أجل أن يثبت أن هذا الجمع له سبب، فإذا انتفى السفر وانتفى الخوف لا بد أن يكون هناك مطر، لكن نفي المطر أيضاً منصوص عليه في الروايات الصحيحة في صحيح مسلم نفي المطر، إذاً لا بد أن يوجد هناك مسبب، لا بد أن يوجد هناك سبب للجمع، وأشير إليه بقوله: "كي لا يحرج أمته" يعني أنه لو لم يفعل لكان فيه حرج، والظروف العادية التي لا تقتضي الجمع ليس فيها حرج، فمخالفة أحاديث التوقيت "لئلا يحرج أمته" من أجل وجود حرج، وليكن غير السفر غير الخوف غير المطر، إما ريح شديدة باردة، أو أمر يقتضي الجمع مما لم يذكر، فالجمع لا بد أن يكون لوجود الحرج للعلة التي ذكرها ابن عباس: "كي لا يحرج أمته" وأحياناً يكون الإنسان في بلده ويضطر إلى الجمع، يعني: إنسان من أهل مكة في وقت المواسم ذهب إلى صلاة المغرب في المسجد الحرام في العشر الأواخر، فاستمر في سيارته إلى أن أذن العشاء لا يستطيع أن ينزل ويترك السيارة في الطريق ولا يستطيع أن يصلي في السيارة؛ لأن الصلاة على الراحلة إنما هي في النفل، في السفر أيضاً عند جمهور أهل العلم، فمثل هذا حرج عظيم يباح فيه مثل ما أشار إليه ابن عباس "كي لا يحرج أمته" وهذا موجود في المدن الكبرى في أوقات الزحام، يعني: قد يخرج الإنسان في الرياض مشوار قبيل صلاة المغرب، ثم يكون في طريق سريع لا يستطيع أن يقف ولا يستطيع أن ينزل يكون في حادث وإلا شيء يمنع من سيره، وعادي يعني يمكث ساعة