للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمل قلبي، ومع ذلك الذي لا يذهب من صلاته إلا بعشرها؛ لأن المراد بالخشوع حضور القلب، وبقدر حضور القلب يدرك من صلاته ما يدرك، فإذا لم يخشع في صلاته ولم يذهب من أجرها إلا بالعشر هل نقول: الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ صحيحة، لكن الأجر المرتب عليها قل بقدر حضور القلب، فإذا كان حضور القلب بنسبة تسعة إلى عشرة، والصلاة صحيحة يعني شريطة أن يأتي بالشروط والأركان والواجبات، نعم إذا جاء بهذه ولم يحضر قلبه، يعني لم يخشع فيها الخشوع المطلوب في الصلاة بحيث لم يستحضر منها إلا لم يعقل منها إلا العشر، ولا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: إن صلاته باطلة، وإنما قال: ((ليس له من صلاته إلا ما عقل)) والباطلة لا ثواب فيها أصلاً، والذي له عشرها صلاته صحيحة؛ لأن الباطلة لا أجر فيها، فأهل العلم ينظرون إلى هذه المسألة من هذه الزاوية، يقولون: الذي لا يستحضر من صلاته إلا العشر هذا خاشع وإلا غير خاشع؟ نعم؟

في الغالب ليس بخاشع، ليش خاشع وهو ما ذهب إلا بعشر الأجر؟ يعني ما استحضر من صلاته إلا العشر، ومع ذلك صلاته صحيحة ومجزئة ومسقطة عن الطلب، وإن كان أجرها وأثرها المرتب عليها قليل، ومع الأسف أن كثير من المسلمين يصلي بأقل من هذه النسبة، ومنهم من يصلي بهذه النسبة، ومنهم من يصلي بأعلى بأعظم، ولذلك لا تجدون الأثر المرتب على الصلاة موجود في حياة المسلم {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [(٤٥) سورة العنكبوت] تجد المسلم يصلي ويسرق، يصلي ويكذب، يصلي ويغتاب، يصلي ويفعل، وين الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ الصلاة المراد بها الصلاة التي تؤدى على مراد الله ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فيها الإخلاص التام لله -جل وعلا-، وفيها المتابعة التامة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا حصل هذان الوصفان ترتبت الآثار، وما دام ما يخرج من الصلاة إلا بعشر أجرها، والصلوات الخمس كفارات لما بينهن، لكن هل يتصور أن الصلاة التي لم يخرج منها صاحبها إلا بالعشر بالربع تكفر ما بينها وبين الصلاة الأخرى؟ شيخ الإسلام يقول: هذه إن كفرت نفسها بركة، يكفي، والله المستعان.