قال:"وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك عن سترة المصلي؟ فقال:((مثل مؤخرة الرحل)) " الرحل: الذي يوضع على الراحلة ويركب عليه، له مقدمة يستمسك بها الراكب، وله مؤخرة يستند إليها، وهي مقدرة عند أهل العلم بثلثي ذراع، يعني قريب من أو تزيد قليلاً عن ثلاثين سنتيمتر، ولا يتم التحديد بمؤخرة الرحل لا طولاً ولا عرضاً؛ لأنه جاء أيضاً التحديد بالحربة والسهم والعصا، وما أشبه ذلك.
ثم بعد هذا قال:"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصا)) " يدل على أن الشيء المذكور في الجملة الأولى له جرم، أكبر من العصا، أعرض أو أطول؛ لأنه قال:((فإن لم يجد فلينصب عصا)) والعصا في حكم السهم والحربة.
" ((فإن لم يكن معه عصا فليخط خطاً، ثم لا يضره ما مر أمامه)) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان، وهو حديث مضطرب الإسناد" مثل به ابن الصلاح للمضطرب في علوم الحديث ذكره مثالاً للمضطرب، وقال: إنه يروى من عشرة أوجه، كلها مختلفة، ولا يمكن الترجيح بينها لينتفي الاضطراب، فهو مضطرب، والحديث فيه علة أخرى، فيه الجهالة لأبي عمرو ابن حريث فهو مجهول، وجده أيضاً أبو عمرو محمد بن حريث وجده حريث أيضاً مجهول، فهو ضعيف لعلتين: الاضطراب الذي لا يمكن معه الترجيح، والجهالة، فالحديث ضعيف.
ابن حجر -رحمه الله- في النكت على ابن الصلاح تمكن من ترجيح بعض الوجوه على بعض، فانتفى عنده الاضطراب، لكنه غفل عن الجهالة؛ لأنه قد تنتفي علة لكن تبقى العلة الأخرى، ولذا قال في البلوغ:"ولم يصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حديث حسن" لما تمكن من نفي الاضطراب بترجيح بعض الوجوه حكم عليه بالحسن؛ لكنه مع ذلك فيه جهالة راوييه.
يقول:"رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان، وهو حديث مضطرب الإسناد" يعني كما قال ابن الصلاح، ولذلك ضعفه الشافعي وغيره، وصححه ابن المديني وغيره.
نقل عن الإمام أحمد أيضاً تصحيحه، لكنه لا يثبت عند كثير من أهل العلم.