للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: "وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: ((هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)) " الالتفات لا شك أن استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة كما تقدم، والانحراف عن القبلة مخل بهذا الشرط، فإذا حدد الإنسان جهة القبلة، وصلى إلى هذه الجهة وهذا فرض البعيد عن الكعبة، فرضه استقبال الجهة عند الجمهور، فإذا انصرف عنها يميناً أو شمالاً فإن كان ببدنه بطلت صلاته؛ لأنه أخل بشرط، وإن كان برأسه فقط فهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، لكنه لا يقتضي البطلان، وقد حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- للحاجة، ولذا يطلق أهل العلم الكراهة في الالتفات، بالنسبة للالتفات يطلقون الكراهة، والقاعدة عندهم أن الكراهة تزول بأدنى حاجة، لكن إذا لم يوجد حاجة؟ هو اختلاس، يعني سرقة يأخذها الشيطان من صلاته خفية، خلسة ((يختلسه الشيطان من صلاة العبد)) وهل يرضى لعدوه أن يأخذ شيئاً من صلاته؟ لا، العاقل لا يرضى بهذا {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [(٦) سورة فاطر] يعني يصعب على الإنسان أن يسرق الولد من متاعه شيئاً، الولد يصعب عليه، وين راح؟ ما راح بعيد؛ لأن الولد إن ما سرق أعطيته أنت، فالمسألة يعني ليست بصعبة، لكن صعباً عليك أن يسرق من مالك، فكيف بغيره؟! فكيف بالعدو؟! وإذا كان هذا في متاع الدنيا فكيف إذا كان بزاد الآخرة؟ إذا صعب عليك أن يسرق شيء من زادك الدنيوي فكيف يهون عليك أن يسرق من قبل أعداء أعدائك وألدهم شيئاً من زادك الموصل إلى الدار الآخرة.

((هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد)) رواه البخاري.

"وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يا بني)) " هذا يقوله لأنس لأنه صغير عنده، خدمه وهو ابن عشر سنين.

((يا بني إياك والالتفات في الصلاة)) تحذير، احذر الالتفات في الصلاة ((فإن الالتفات في الصلاة هلكة)) يعني مهلك لصاحبه، كما أن من سرق متاعه فلم يبق منه شيء فإنه يعرض للهلاك، لا سيما إذا كان من الضروريات.