الْوَجْه الثَّالِث أَنه لما علم أَنَّهَا فتْنَة وَأَن الْفِتْنَة إِذا سل فِيهَا السَّيْف لم يُؤمن أَن يقتل فِيهَا من لَا يسْتَحق الْقَتْل فَلم يخْتَر لأَصْحَابه أَن يسلوا السَّيْف فِي الْفِتْنَة إشفاقا عَلَيْهِم نعم وَتذهب فِيهَا الْأَمْوَال ويهتك فِيهَا الْحَرِيم فصانهم عَن جَمِيع هَذَا
وَوجه رَابِع وَهُوَ أَنه يحْتَمل أَن يكون رض = صَبر عَن لانتصار لتَكون الصَّحَابَة رض = شُهُودًا على من ظلمه وَخَالف أمره وَسَفك دَمه بِغَيْر حق لِأَن الْمُؤمنِينَ شُهَدَاء الله فِي أرضه وَمَعَ ذَلِك فَلم يحب أَن يهرق بِسَبَبِهِ دم مُسلم وَلَا يخلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أمته بسفك دم رجل مُسلم وَكَانَ عُثْمَان رض = بِهَذَا الْفِعْل موفقا مَعْذُورًا رشيدا محبورا وَكَانَ الصَّحَابَة فِي عذر وشقي قَاتله وخاذله وَالله أعلم
٧٣ - ذكر مَا فعله الصَّحَابَة لما بَلغهُمْ حصر عُثْمَان وَقَتله رض =
قَالَ عبد الله بن سعد بن أبي سرح وبلغه حصر عُثْمَان رض = ... أرى الْأَمر لَا يزْدَاد إِلَّا تفاقما
وأنصارنا بالمكتين قَلِيل
تدابر أَهلِي بِالْمَدِينَةِ والهوى
هوى أل مصر والذليل ذليل ... فَكيف أَبَا عَمْرو نجاؤك مِنْهُم
وَلم يشف من غيظ عَلَيْك غليل
فَإِن يشغل الْقَوْم الشعاب فعله
ستنجو وَإِلَّا لَا فَأَنت قَتِيل ...
وَقَالَ الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس وهم يُقَاتل ... لما تهدمت الْأَبْوَاب واحترقت
تيممت مِنْهُم يَا غبن محترق
شدا أَقُول لعبد الله آمره
إِن لم يُقَاتل كَذَا عُثْمَان فَانْطَلق
هَذَا أَمِيري فلست الْيَوْم أخذله ... أَن الْفِرَار على الْيَوْم كالسرق
وَالله أبرحه مَا دَامَ لي رَمق
حَتَّى يزايل بَين الرَّأْس والعنق ...
وَعَن مُحَمَّد وَطَلْحَة قَالَا وَبلغ عَائِشَة رض = مقتل عُثْمَان رض = فاسترجعت واستغفرت وتلهفت وتمثلت