الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ» «وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَرِيرَةَ مَلَكْتِ بُضْعَكِ فَاخْتَارِي» .
، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَدِّ الْحَادِثَةِ إلَى الْأُصُولِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ الْوَاجِبَ عَرْضُهَا عَلَى الْأُصُولِ، وَإِلْحَاقُهَا بِالْأَشْبَهِ مِنْهَا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَصْلُ مِنْ جِنْسِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، بَعْدَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ عَلَمٌ لِلْحُكْمِ.
وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَقُولُ: إنَّ الْحَادِثَةَ إذَا تَجَاذَبَهَا أَصْلَانِ فَرَدُّهَا إلَى مَا قَرُبَ مِنْهَا، وَإِلَى مَا هُوَ مِنْ بَابِهَا وَمِنْ جِنْسِهَا، أَوْلَى مِنْ رَدِّهَا إلَى مَا بَعُدَ مِنْهَا، وَإِلَى خِلَافِ جِنْسِهَا.
وَلِذَلِكَ قَوْلُنَا فِي الِاعْتِكَافِ: (إنَّهُ) لَمَّا كَانَ لَبْثًا فِي مَكَان، وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ إلَّا بِانْضِمَامِ مَعْنًى آخَرَ إلَيْهِ هُوَ قُرْبَةٌ فِي نَفْسِهِ: قِيَاسًا.
فَعَارَضُونَا بِالصَّوْمِ: أَنَّ الْإِمْسَاكَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ يَصِيرُ قُرْبَةً بِمُضَامَّةِ النِّيَّةِ إيَّاهُ. فَهَلَّا كَانَ الْمَعْنَى الْمَضْمُومُ إلَى الِاعْتِكَافِ فِي كَوْنِهِ قُرْبَةً هُوَ النِّيَّةَ، حَسْبَ مَا قُلْنَا فِي الصَّوْمِ؟ وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ إذَا أَلْزَمَ مِثْلَ هَذَا يَقُولُ: إنَّ رَدَّ الِاعْتِكَافِ إلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْلَى مِنْ رَدِّهِ إلَى الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ؛ إذْ كَانَ الِاعْتِكَافُ لَبْثًا كَالْوُقُوفِ، وَمَا وَجَدْنَا لِهَذَا نَظِيرًا مِنْ جِنْسِهِ، فَحَمْلُهُ عَلَيْهِ (وَرَدُّهَا إلَيْهِ) (أَوْلَى مِنْ رَدٍّ) إلَى مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute