للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اسْتِبْقَائِهِمْ، وَأَخْذِ الْفِدَاءِ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: ٦٧] . ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٦٨] . قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا كَمَا ظَنَنْت لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ (كَانَ) أَبَاحَ لَهُمْ الِاجْتِهَادَ فِيهِ لَمَّا شَاوَرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: ٦٧] فَقَدْ قِيلَ: إنَّ مَعْنَاهُ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ قَبْلَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى قَبْلَ الْإِثْخَانِ فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ لَهُ الْأَسْرَى وَأَخْذُ الْغَنَائِمِ. فَلَمْ يَكُنْ الْإِخْبَارُ عَنْ النَّهْيِ مُتَوَجِّهًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا تَوَجَّهَ إلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ.

كَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أُعْطِيت خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي، مِنْهَا: أَنِّي أُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِمَنْ قَبْلِي» ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَكُونُ قُرْبَانًا تَأْكُلُهَا النَّارُ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا أُحِلَّتْ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ غَيْرِكُمْ» . وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٦٨] ، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ مَعْنَاهُ: لَوْلَا مَا سَبَقَ بِهِ الْكِتَابُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ مُحِلٌّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْغَنَائِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>