للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُغَيَّبِ. وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ قَوْمٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يُعَرِّفْهُمْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة: ١٠١] فَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجْرِيهِمْ مَجْرَى الْمُسْلِمِينَ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِمْ، مَعَ (عِلْمِ) اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ مُنَافِقُونَ، وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ مُحِيطًا بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ كَانَ الظَّاهِرُ دُونَ الْبَاطِنِ، وَالْحَقِيقَةُ (الَّتِي) هِيَ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ هَذَا فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ اسْتِشْهَادِ الْعُدُولِ (فِي الظَّاهِرِ، وَلَا يَكُونُ مَنْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ قَوْمٍ ظَاهِرُهُمْ الْعَدَالَةُ مُخْطِئًا لِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى) ، وَإِنْ كَانُوا فِي الْمَغِيبِ غَيْرَ عُدُولٍ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ كَانَ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، وَالْعَضَلُ، وَالْقَادَةُ، وَأَظْهَرُوا لَهُ الْإِسْلَامَ وَسَأَلُوهُ أَنْ يُوَجِّهَ لَهُمْ مَنْ يُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ وَيُعَلِّمُهُمْ الْقُرْآنَ. فَوَجَّهَ مَعَهُمْ ثَلَاثَةً مِنْ الصَّحَابَةِ: خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ، وَعَاصِمُ بْنُ أَبِي الْأَفْلَحِ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ. فَغَدَرُوا بِهِمْ، وَقَتَلُوا عَاصِمًا، وَزَيْدَ بْنَ الدَّثِنَةِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَأَخَذُوا خُبَيْبًا، وَبَاعُوهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>