للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّا يُضَاهِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا تَحْتَ الِاسْمِ مَعْلُومَ الْمَعْنَى إلَّا أَنَّ مُرَادَ الْمُخَاطِبِ فِيهِ الْبَعْضُ مِنْهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي اللَّفْظِ يُعْلَمُ ذَلِكَ مَعَ وُرُودِ اللَّفْظِ لِاسْتِحَالَةِ اعْتِقَادِ الْعُمُومِ فِيهِ، فَيَصِيرُ اللَّفْظُ مُجْمَلًا مُحْتَاجًا إلَى الْبَيَانِ. وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧] لَيْسَ يَخْلُو قَوْلُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧] مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْوُجُوبَ أَوْ النَّدْبَ. فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ (بِهِ) الْوُجُوبَ اسْتَحَالَ اعْتِقَادُ الْعُمُومِ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مَعَ وُرُودِ اللَّفْظِ امْتِنَاعُ اسْتِيعَابِ جَمِيعِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَابِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ خَيْرٍ وَاجِبًا، وَيَسْتَحِيلُ أَيْضًا مِنْهُ فِعْلُ كُلِّ مَا يُسَمَّى خَيْرًا لِأَنَّهُ لَا يُحِيطُ بِهِ وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ فِعْلُهُ. فَصَارَ حِينَئِذٍ كَقَوْلِهِ افْعَلُوا بَعْضَ الْخَيْرِ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ، وَذَلِكَ الْبَعْضُ غَيْرُ مَعْلُومٍ مِنْ اللَّفْظِ فَحُكْمُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الدَّلِيلِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ صُومُوا لَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْإِمْسَاكَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ امْسِكُوا عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ. فَاللَّفْظُ مُجْمَلٌ مُفْتَقِرٌ إلَى الْبَيَانِ. هَذَا إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِاللَّفْظِ الْإِيجَابَ. فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧] النَّدْبَ صَحَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسَ كُلَّهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَخْتَارُهُ، فَيَصِيرُ تَقْدِيرُهُ افْعَلُوا مِنْ الْخَيْرِ مَا شِئْتُمْ فَإِنَّكُمْ مَنْدُوبُونَ إلَيْهِ وَمُثَابُونَ عَلَيْهِ.

وَكَيْفَمَا تَصَرَّفَتْ الْحَالُ فَالِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِهِ {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧] فِي إيجَابِ شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ سَاقِطٌ. وَمِنْ نَحْوِ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الحشر: ٢٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>