عَشْرَةَ سَنَةً، لِأَنَّهُ قَالَ: عُرِضْت يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَأَجَازَنِي يَوْمَ أُحُدٍ، وَبِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَمَنْ رَوَى: أَنَّ سِنَّهُ كَانَتْ يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَقَدْ غَلِطَ، لِأَنَّ بَيْنَ أُحُدٍ وَالْخَنْدَقِ سَنَتَيْنِ، وَعَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَدْ رَوَى قِصَّةَ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ: أَنَّهَا غَيْرُ مَضْبُوطَةٍ لَمَا رَوَاهَا، وَلَا قَطَعَ بِهَا، وَكَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إنَّمَا يَرْوِي مَا يَرْوِيهِ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أَوْ مِنْهُ فِي حَالِ صِغَرِهِ، هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الذُّرْوَةِ الْعُلْيَا مِنْ الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، وَيُقَالُ: إنَّ مَا يَرْوِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَمَاعًا بِضْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، وَالْبَاقِي سَمَاعًا مِنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُطْعَنْ فِي رِوَايَتِهِ لِمَا رَوَاهُ سَمَاعًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِغَرِهِ، بَلْ قَدْ قَبِلَهُ النَّاسُ وَجَعَلُوهُ أُصُولًا.
رَوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِفَةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَأَحْكَامِهَا، فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي بَاتَ فِيهَا عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ خَالَتُهُ - لِيَعْرِفَ صَلَاتَهُ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ أَصْلًا يُعْمَلُ عَلَيْهِ فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَغَيْرِهَا، وَلَمْ يَمْتَنِعْ أَحَدٌ مِنْ قَبُولِهِ وَالْعَمَلِ بِهِ مِنْ أَجْلِ صِغَرِهِ.
وَمِمَّنْ كَانَ صَغِيرًا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَرَوَى عَنْهُ الرِّوَايَاتِ الْكَثِيرَةَ، فَلَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِوَايَتِهِ، وَبَيْنَ رِوَايَاتِ غَيْرِهِ: زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، فِي آخَرِينَ مِنْهُمْ، فَلَا اعْتِبَارَ إذًا فِيمَا يَرْوِيهِ الصَّحَابِيُّ بِالسِّنِّ فِي وَقْتِ الْقِصَّةِ الَّتِي يَحْكِيهَا.
وَذُكِرَ: أَنَّ الْأَنْصَارَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا أَرَاقُوا شَرَابَهُمْ حِينَ أَخْبَرَهُمْ مُخْبِرٌ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ، عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّهِ وَالِاحْتِيَاطِ، كَمَا كَسَرُوا الْأَوَانِيَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ لَا يَجُوزُ حَمْلُ أَمْرِهِمْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرَابَ كَانَ مَالًا لَهُمْ قَبْلَ سَمَاعِ الْخَبَرِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْخَبَرُ قَدْ أَوْجَبَ عِنْدَهُمْ تَحْرِيمَهُ لَمَّا أَسْرَعُوا إلَى إتْلَافِهِ، وَإِنَّمَا كَسَرُوا الْجِرَارَ تَأْكِيدًا لِأَمْرِ التَّحْرِيمِ، وَلِلْمُبَالَغَةِ فِي قَطْعِ الْعَادَةِ فِي شُرْبِهَا، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَقِّ رَوَايَا الْخَمْرِ بَعْدَ تَحْرِيمِهَا، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى صَبِّهَا، تَأْكِيدًا لِأَمْرِ تَحْرِيمِهَا، وَتَغْلِيظًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute