للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاتِّفَاقِ، أَوْ لِدَلِيلٍ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ إنَّمَا ثَبَتَ قَبْلَ حُدُوثِ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ الْخِلَافُ مِنْ أَجْلِهِ لِلْإِجْمَاعِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ وَلَا إجْمَاعَ فِيهِ بَعْدَ حُدُوثِ الْمَعْنَى، فَمِنْ أَيْنَ أَثْبَتَهُ؟ وَقَوْلُهُ: وَنَحْنُ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ الْإِجْمَاعِ خَطَأٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِجْمَاعَ غَيْرُ مَوْجُودٍ.

فَيُقَالُ فِيهِ: نَحْنُ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ، لِأَنَّ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ قَدْ زَالَ، فَإِنْ بَنَيْت مَوْضِعَ الْخِلَافِ عَلَى الْإِجْمَاعِ الْمَنْصُوصِ، فَأَرِنَا وَجْهَ بِنَائِهِ، مَقْرُونًا بِدَلَالَةٍ تُوجِبُ صِحَّتَهُ.

فَإِنْ قَالَ: إنَّمَا حَكَمْت بَدْءًا فِي حَالِ مَا وَقَعَ الْإِجْمَاعُ، بِدَلَالَةٍ غَيْرِ الْإِجْمَاعِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ.

قِيلَ لَهُ: فَأَظْهِرْ تِلْكَ الدَّلَالَةَ حَتَّى تُنَوِّرَهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُوجِبَةً لَهُ بَعْدَ وُقُوعِ الْخِلَافِ كَإِيجَابِهَا لَهُ (قَبْلَهُ) حَكَمْنَا لَهُ (بِحُكْمِهِ) ، وَإِلَّا فَقَدْ أَخْلَيْت قَوْلَك مِنْ دَلِيلٍ يُعَضِّدُهُ، وَحَصَلْت فِيهِ عَلَى دَعْوَى مُجَرَّدَةٍ.

وَعَلَى أَنَّ أَكْثَرَ الْمَسَائِلِ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ يُمْكِنُ عَكْسُهَا عَلَى الْقَائِلِ بِهَا فِي الْوَجْهِ الَّذِي يَحْتَجُّ بِهِ، فَيَلْزَمُهُ بِهَا ضِدُّ مُوجِبِ حُكْمِهَا الَّذِي رَامَ إثْبَاتَهُ. فَلَا يُمْكِنُهُ الِانْفِصَالُ مِنْهَا. نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الْمَاءِ بَعْدَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ (فِيهِ) : إنَّهُ عَلَى أَصْلِ طَهَارَتِهِ، لِإِجْمَاعِنَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ طَاهِرًا قَبْلَ حُلُولِهَا فِيهِ، فَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ، حَتَّى يَنْقُلَنَا عَنْهُ دَلِيلٌ، فَنَقْلِبَ عَلَيْهِ، هَذَا فِي الْمُحْدِثِ إذَا تَوَضَّأَ بِهَذَا الْمَاءِ، أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعْنَا قَبْلَ طَهَارَتِهِ بِهَذَا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِطَهَارَةٍ صَحِيحَةٍ، وَاخْتَلَفْنَا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ لَهُ، هَلْ صَحَّ لَهُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ فَنَحْنُ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ الْإِجْمَاعِ فِي بَقَاءِ الْحَدَثِ وَامْتِنَاعِ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى زَوَالِ حَدَثِهِ.

وَكَذَلِكَ الْمُتَيَمِّمُ إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَدْ اتَّفَقْنَا: (عَلَى) أَنَّ فَرْضَهُ لَمْ يَسْقُطْ بِالدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَاخْتَلَفْنَا إذَا بَنَى عَلَيْهَا بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ، فَنَحْنُ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>