للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّأْيِ، إذْ لَيْسَ لَهُ مِقْدَارٌ مَعْلُومٌ مِنْ نَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى قَدْرِ الْحَالِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُرْضَعُ وَالْمُرْضِعَةُ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: ٢٣٣] وَلَيْسَ لِمَا يَقَعُ التَّرَاضِي عَلَيْهِ حَدٌّ مَعْلُومٌ عَلَى حَسَبِ مَا يَغْلِبُ فِي الظَّنِّ، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْمُشَاوَرَةِ، وَالْمُشَاوَرَةُ لَا تَقَعُ فِي شَيْءٍ فِيهِ تَوْقِيفٌ أَوْ اتِّفَاقٌ، أَوْ دَلِيلٌ قَائِمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِخْرَاجُ رَأْيٍ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ.

وَمِنْ ذَلِكَ وقَوْله تَعَالَى {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٦] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩] وَلَا سَبِيلَ إلَى الْوُقُوفِ عَلَى مِقْدَارِ هَذِهِ الْمُتْعَةِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ وَغَالِبِ الظَّنِّ، (لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ. مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] وَمَنْ غَابَ عَنْ الْكَعْبَةِ لَا يَصِلُ إلَى التَّوَجُّهِ إلَيْهَا إلَّا مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ، وَغَالِبِ الظَّنِّ) وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] وَهَذَا الْخَوْفُ إنَّمَا هُوَ عَلَى غَالِبِ مَا يَسْتَوْلِي عَلَى قُلُوبِنَا مِنْهُ، وقَوْله تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] وَإِصْلَاحُ مَالِ الْيَتِيمِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَحَرِّي الِاحْتِيَاطِ فِي تَمْيِيزِهِ وَحِفْظِهِ وَإِحْرَازِهِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِغَالِبِ الظَّنِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>