يعدونه عالما من أهل بلدهم من المدرسين والقضاة والمفتين وهم عدد جم ومقدار ضخم أتراهم يظنون الحق بيد ذلك الفرد ويتبعونه ويقولون بقوله ويدعون من يخالفه من أهل مدينتهم قاطبة هذا ما لا يكون فإنا نجد العامة في قديم الزمن وحديثه مع الكثرة ولا سيما من كان له من أهل العلم نصيب من دولة كالقضاة فإن الواحد منهم يعدل عند العامة ألوفا من أهل العلم الذين لا مناصب لهم ولا دولة فكيف إذا انضم إلى ذلك ما يلقيه إليهم المقلدة من الكلمات التي تثير غضبهم وتستطير حميتهم كقولهم هذا الرجل يخالف إمامكم ويدعو الناس إلى الخرج من مذهبه ويزرى عليه ويقول إنه جاء بغير الحق وخالف الشرع فإنهم عند سماع هذا مع ما قد رسخ في عقائدهم وثبت في عقولهم لا يبالون أي دم سفكوا وأي عرض انتهكوا يعلم هذا كل من له خبرة بهم وممارسة له
قلت هذا السؤال الذي أوردته أيها الطالب للحق الراغب في الإنصاف قد أفادنا أنك لم تفهم ما قدمته لك في هذا الكتاب حق الفهم ولم تتصوره كلية التصور فقد كررت لك في مواضع منه ما تستفيد منه جواب ما أوردته هنا فعاود النظر وكرر التدبر وأطل الفكر بعد أن تبالغ في تصفية الفطرة وتستكثر من الاستعداد للقبول وهب أنه لم يتقدم ما يصلح أن يكون جوابا لما خطر ببالك الآن من هذا السؤال فها أنا أجيب عليك بجوابين الأول جواب مجمل والآخر جواب مفصل
أما الجواب المجمل فأقول لك بعد تسليم جميع ما أوردته في سؤالك هذا من أن حامل العلم ومبلغ الحجة سيحال بينه وبين ما يريده بأول كلمة تخرج منه فيها مخالفة لما ألفه الناس ولا يقدر بعدها عل شئ من الهداية إلى الحق والإرشاد إلى الإنصاف لما قدرته من أنها ستقوم عليه القيامة وتأزف عليه الآزفة وتضيق عنه دائرة الحق وتنبو عنه جميع المسامع وتؤخذ عليه كل وسيلة