للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِم وَأفْتى بِمَا يستحقونه ويوجبه عَلَيْهِم الشَّرْع حَال بَينه وَبينهمْ حوائل مِنْهَا عدم اعتياد مثل هَذِه الْبِلَاد لمثل سفك دِمَاء المتزندقين وَمِنْهَا عدم نُفُوذ أفهام المنفذين لأحكام الشَّرْع حَتَّى يعرفوا الدقائق الكفرية الْمُوجبَة لِلْخُرُوجِ من الْإِسْلَام القاضية بسفك دم من صدرت عَنهُ وَكَيف يفهم ذَلِك غَالب الْقُضَاة وهم يعجزون عَن فهم شُرُوط الْوضُوء وفرائضه وسننه بل يقصرون عَن فهم مبَاحث أَبْوَاب قَضَاء الْحَاجة فَهَل تراهم يفهمون مَا يَقُوله لَهُم الْمُفْتِي بسفك دم المتزندق من أَنه كفر بِكَذَا اسْتحق سفك دَمه بِكَذَا

هَيْهَات هَيْهَات فَإِنَّهُم أبلد من ذَاك وأسوأ فهما من الْبلُوغ إِلَيْهِ

وَمِنْهَا وَهُوَ أعظمها مَا عرفناك بِهِ من تظهرهم بالرفض وادعائهم أَنهم لم يصابوا بذنب سواهُ وَلَا نالهم مَا نالهم إِلَّا بِسَبَبِهِ فَإِن هَذِه الدَّعْوَى سريعة النِّفَاق تدخل إِلَى أذهان غَالب النَّاس وتقبلها عُقُولهمْ بأيسر عمل للاشتراك فِي الْجِنْس وَإِن لم يكن على التواطئ بل على التشكيك وَكَفاك من شَرّ سَمَاعه

وَبعد هَذَا فَإِنِّي أَرْجُو الله عز وَجل أَن يُمكن مِنْهُم فتجري عَلَيْهِم الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَينفذ فيهم مَا يَقْتَضِيهِ مر الْحق وَنَصّ الدَّلِيل وَقد علم الله سُبْحَانَهُ أَنِّي أجد من الْحَسْرَة والتلهف مَا لَا يقادر قدره وَلَا يُمكن التَّعْبِير عَنهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بتغاض عَن مُبْتَدع وَلَا بِمُجَرَّد سكُوت عَن انتهاك حُرْمَة من حرمات الشَّرْع بل هُوَ سكُوت عَن الْكفْر وإغماض عَن متظهر بالزندقة يتَكَلَّم فِيمَا بملء فِيهِ ويبدي مِنْهَا مَا تبْكي لَهُ عُيُون الْإِسْلَام وَأَهله فَتَارَة يتهاون بِالْقُرْآنِ وَتارَة يتهاون بالأنبياء وَتارَة يتهاون بحملة الدّين وحينا يزري على عُلَمَاء الْمُسلمين وَلَكِن بعبارات لَا يفهمها المقصرون ورموز لَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا المشتغلون بِأَبْوَاب الْفِقْه مَعَ خلط تِلْكَ الْعبارَات بِشَيْء من الرَّفْض يفهمهُ المقصر والكامل فَإِذا نظره المقصرون فِي كَلَامهم لم يفهموا مِنْهُ إِلَّا مَا فِيهِ من الرَّفْض وَلَا يفهمون شَيْئا مِمَّا عداهُ

وَإِذا أخْبرهُم الْعَالم بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ ذَلِك الْكَلَام من الْكفْر والزندقة لم تقبله

<<  <   >  >>