ومما يستعين به طالب الحق ومريد الإنصاف على ما يريده من ربط المسائل بالدلائل والخروج من آراء الرجال المتلاعبة بأهلها من يمين إلى شمال أن يتدبر الدلائل العامة ويتفكر فيما يندرج تحتها من المسائل بوجه من وجوه الدلالة المعتبرة فإنه إذا تمرن في ذلك وتدرب صار مستحضرا لدليل كل ما يسأل عنه من الأحكام الشرعية كائنا ما كان وعرف معنى قوله ﷿ ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾
ومن أمعن النظر فيما وقع منه ﷺ من استخراج الأحكام الشرعية من كتاب الله تعالى زاده ذلك بصيرة كما ثبت عنه أنه لما سئل عن الحمر الأهلية فقال لم أجد فيها إلا هذه الآية القائلة ﴿من يعلم مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ فإن في هذا وأمثاله أعظم عبرة للمعتبرين وأجل بصيرة للمتبصرين وأوضح قدرة للمعتدين من العلماء المجتهدين وثبت أنه ﷺ قال لعمرو ابن العاص صليت بصحابك وأنت جنب يا عمرو فقال سمعت الله يقول ﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾ فقرره النبي ﷺ وضحك ولم يقل شيئا
وهذا باب واسع يطول تعداده
وهكذا التفكر في الكليات الصادرة عمن أعطى جوامع الكلم وأفصح